«فى الاستثناء المتعقب للجمل»
«فصل :» اذا تعقب الاستثناء جملا متعددة ، فلم يشك احد من الاصحاب فى رجوعه الى الجملة الاخيرة ، وانما اختلفوا فى تعين رجوعه اليها خاصة ، بلا ضم ضميمة سائر الجمل اليها ، او اشتراك البقية معها فى رجوعه اليها ايضا؟ وظاهر عبارة الاستثناء الواقعة فى كلامهم ، وكذا تسالمهم على رجوع الاستثناء الى الجملة الاخيرة ، هو كون النزاع ومحل الخلاف بينهم فى الاستثناء المتصل خاصة ، دون المنفصل ، اذ لم يعهد التعبير من الاخراج بكلام آخر منفصل عن الكلام الاول ، بعبارة الاستثناء ، كما انه لا ينبغى الجزم بلحوق الاستدراك الى الجملة الاخيرة ، لو كان ذلك بكلام منفصل ، لظهور ان نسبة ذلك الاستدراك المنفصل عن الكلام المشتمل على الجمل المتعددة ، الى جميع الجمل على السوية ، وليس للاخيرة منها مزية على ما قبلها فى الرجوع اليها ، فلو قال المولى : اكرم العلماء واكرم الشرفاء ، ثم قال فى كلام آخر ، لا تكرم الفساق منهم ، لم يتعين فى الفاسق ان يكون مخرجا عن الشرفاء ، وليس هو متيقن الخروج منهم ، بل كما يحتمل خروجه منهم بالخصوص كذلك يحتمل خروجه من الظرفاء او العلماء ، او من جميعهم.
وكيف كان فربما يستشكل فى رجوع الاستثناء الى الجميع ، لو كان الاستثناء متصلا بالكلام ، كما هو محل كلامهم فيه ، وذلك لان كلمة الا التى هى أداة الاستثناء ، موضوعة للاخراج بالوضع العام ، والموضوع له خاص ، فيكون كل من الاخراجات المفروضة فى ذلك