العصيان ليست كمفسدة التجري بينما قبحهما واحد. إذن فوحدة درجة القبح مع عدم وحدة درجة المفسدة يكشف عن أنّ باب الحسن والقبح غير باب المصلحة والمفسدة.
والخلاصة هي أنّه بعد وجدانية عدم كون الحسن والقبح من المدركات على أساس أنّها تشريعات ومواقف عقلائية نقول :
إنّ هذه الفرضية تربط بين القبح والحسن والمفسدة والمصلحة ، وتعتبر أنّ حكم العقلاء وإدراكهم للأخيرين سببا لإدراك الأولين ، بينما هذا لا يفسر وجدانياتنا الأخلاقية في باب الحسن والقبح ، لأنّها لا تبرهن على أنّهما باب مستقل عن باب المصلحة والمفسدة ، ولهذا كان التجرّي قبيحا رغم عدم المفسدة في نفس الفعل.
بينما وجداناتنا تبرهن على كون الحسن والقبح باب مستقل بنفسه وأجنبي عن باب المصالح والمفاسد.
ومن المنبهات على ذلك ما قلناه سابقا ، من كون قبح التجري والعصيان على نحو واحد ، وانّ وحدة درجة القبح في العاصي مع درجة القبح في المتجري مع عدم درجة المفسدة ، يكشف عن أنّ القبح غير المفسدة ، حيث كان التجري قبيحا رغم عدم المفسدة في نفس الفعل المتجرى به.
ومن المنبهات أيضا على ذلك هو ، أنّه لو كان الحسن والقبح راجعا إلى باب المصلحة والمفسدة ، للزم إجراء باب التزاحم فيما إذا تزاحم القبح مع المصلحة ، مع أنّ العقلاء لا يبنون على إجراء التزاحم بين القبح ومصلحة ، أو الحسن ومفسدة ، فمثلا لو توقف شفاء مريض على قتل صحيح ، بأن يؤخذ عضو من الصحيح ويعطى للمريض ، ففي عالم المصلحة والمفسدة يقع التزاحم بين مصلحة المريض ، ومفسدة قتل