والإرادة كما قال «قده» هي ، الشوق المؤكد المستتبع لتحريك العضلات ، فاختيارية كل عنوان إنّما تكون بشوقية ذلك العنوان ، وحينئذ ، هذا الإنسان الّذي شرب الماء متوهما أنّه خمر قد تعلقت إرادته ـ المتمثلة بشوقه المؤكد المستتبع لتحريك العضلات ـ بشرب الخمر المتوهم ، لا بشرب مقطوع الخمرية بما هو مقطوع الخمرية ، لأنّ مراده هو شرب الخمر ، فشوقه كذلك ، لا لمقطوع الخمرية ، إذن ، فهذا العنوان الثالث ليس محطّا ومصبّا لإرادته ، إذن ، فهو ليس اختياريا ، لأنّ اختيارية الفعل تكون بتعلق إرادته به ، وعليه : فالكبرى تنطبق على الصغرى وهي ، انّ ما لا يكون اختياريا لا يعرض له القبح ، وحينئذ ، فالعنوان الثالث لا يعرض له القبح.
وقد التفت المحقق الأصفهاني «قده» إلى إمكان إيراد نقضين على هذا البرهان ، فذكرهما (١) وأجاب عن كل منهما.
١ ـ النقض الأول : هو انّ لازم هذا البيان انّ هذا الرجل لو شرب الخمر حقيقة بدون توهم ، لكن شربه لا لشوق وإرادة لنفس الخمر ، وإنّما شوقه وإرادته كانت متعلقة بالتبريد وكان هذا مقدمة للتبريد ، حينئذ ، لا يكون عنوان شرب الخمر اختياريا بالنسبة إليه على الرغم من صدق هذا العنوان خارجا بأنّه شرب للخمر ، لكن غير اختياري ، لأنّ مصبّ الإرادة والشوق عند هذا الشارب لم يكن عنوان شرب الخمر ، بل عنوان التبريد ، وهو متوقف على شرب الخمر.
ثمّ انّه «قده» أجاب على هذا النقض ، حيث قال : إنّ هذا الإنسان له إرادة نفسية للتبريد ، لكن ينقدح منها إرادة غيرية للمقدّمة الّتي هي شرب الخمر ، بذلك تكون المقدمة ، وهي شرب الخمر بنفسها محطا
__________________
(١) نهاية الدراية : الأصفهاني ، ج ٢ ، ص ١٠.