وقد ناقش السيّد الخوئي «قده» (١) الاستدلال بها ، بأنّها على تقدير تماميتها سندا ودلالة ، فهي لا تدلّ على أكثر من حرمة قصد المعصية الواقعية ، ومعه ، لا ربط لها بحرمة ما يعتقده العبد حراما رغم كونه ليس حراما في الواقع.
وهذه المناقشة غير تامة ، لأنّه لو سلمنا دلالتها على حرمة قصد المعصية ، حينئذ لا يكون هناك فرق بين قصد المعصية في مورد مصادفة فعل المتجري للواقع وعدمه ، إذ من حيث قصد المعصية ، لا فرق بينهما ، وكذلك فإنّه إذا ثبتت حرمة التجري فيما إذا قصد المعصية فقط ، فإنّها تثبت في التجري حين الإقدام على الفعل بطريق أولى وبشكل أشدّ أيضا.
والصحيح في مناقشة هذه الرّوايات أن يقال : إنّ هذه الرّوايات ، إن تمّ شيء منها سندا ، فهي دلالة تتراوح بين ما لا يدلّ منها على أكثر من استحقاق العقاب على القصد ، وهو أعم من الحرمة ، وبين ما يدلّ على حرمة نفس الرّضا والنيّة السيئة ، أو نفس الالتقاء بالسيف ، وذلك لملاك قائم فيها وبقطع النظر عن الفعل الخارجي.
ثمّ إنّ هناك طائفة أخرى من الرّوايات تدلّ بظاهرها على نفي العقاب على مجرد نيّة (٢) فعل الحرام دون التلبس به.
وقد جمع السيّد الخوئي «قده» (٣) بين هاتين الطائفتين ، بحمل
__________________
(١) أجود التقريرات : الخوئي ، ج ٢ ، ص ٣١ ، ٣٢.
(٢) الوسائل : ج ١ ، باب ٦ ، ح ٦ ـ ٧ ، ص ٣٦. وح ١٠٨ ، ص ٣٧.
الوسائل : ج ١١ ، باب ٩٣ ، ح ١ ، ص ٣٦٩.
الوسائل : ج ١١ ، باب ٩٣ ، ح ٢٠ ، ص ٣٩.
الوسائل : ج ١١ ، باب ٩٣ ، ح ٢١ ، ص ٤٠.
(٣) أجود التقريرات : الخوئي ، ج ٢ ، ص ٣١ ، ٣٢.