بالمجتهد ، لكن رجوعه إليه في ذلك في طول رجوعه إليه في حكم واقعي ، ويتضح ذلك من خلال بعض الأمثلة.
١ ـ المثال الأول : إنّ الماء إذا تغيّر بالنجاسة يتنجس ، ثمّ إذا زال تغيره يبقى على نجاسته ، وذلك للاستصحاب ، وفي مثل ذلك يجوز للمجتهد أن يفتي العامي بالحكم الأول ، وهو تنجس الماء بالتغيير ، لأنّ هذا حكم واقعي بنظر المجتهد قد علم به ، لكن تعبّدا ، والحكم الواقعي مشترك بينهما كما تقدّم ، إذن فإفتاؤه به على القاعدة ، ويكون رجوع العامي هنا رجوع إلى أهل الخبرة ، وبذلك يصبح العامي عالما بحدوث النجاسة ، وهذا هو الرّكن الأول للاستصحاب ؛ فإذا زال التغيّر وشكّ العامي في بقاء النجاسة ، فحينئذ يتحقّق لديه الرّكن الثاني للاستصحاب ، وحينئذ يمكن للمجتهد أن يفتيه بالاستصحاب ، لأنّه خطاب مجعول في حقّ من كان على يقين فشكّ ، والمفروض أنّ العامي كذلك ، وبهذا أمكن للمجتهد أن يفتي العامي بالحكم الظّاهري ، ويكون إفتاؤه على القاعدة.
٢ ـ المثال الثاني : موارد الإفتاء بوجوب الاحتياط للعلم الإجمالي ، كما لو رأت المرأة «دما» ولم تدر ما هو ، فشكّت في جواز دخولها إلى المسجد ، وحينئذ ، فإذا رجعت إلى المجتهد فإنّها لا تسأله عن هذا الحكم هنا ، بل تسأله عن ثبوت أحد حكمين في حقّها ، وهما : لزوم تروك الحائض ، أو لزوم أفعال المستحاضة ، والمفروض أنّ المجتهد يعلم إجمالا بلزوم أحد هذين الحكمين بعد علمه برؤيتها للدم المشكوك ، فيكون رجوعها إليه في ذلك ، رجوعا إليه في نفس العلم الإجمالي الحاصل عنده وجدانا ، وفي هذا الحال ، هو يعلم بوجوب الجامع بينهما ، فيفتيها به ، ويكون رجوعها إليه على القاعدة ، لأنّه رجوع إلى أهل الخبرة ، وحينئذ ، يحصل لها بواسطة ذلك علم إجمالي تعبّدي بأحد الحكمين ، ويكون ذلك منجزا.