٣ ـ المثال الثالث : موارد الإفتاء بالأحكام المستنبطة من الإمارات ، كما لو قام خبر العادل عند المجتهد على نجاسة العصير العنبي إذا غلا ولم يجد له مخصّصا ، وحينئذ ، فالعامي يرجع إلى المجتهد في مسألة عدم وجود المخصّص ، وهذا رجوع إلى أهل الخبرة ، وبذلك يشمله خطاب «صدق العادل» ، لتحقّق موضوعه ، فيتنجز في حقّه نجاسة العصير العنبي إذا غلا.
٤ ـ المثال الرابع : موارد الإفتاء بأصالة البراءة عند الشكّ في حرمة شيء وعدم وجود دليل على حرمته ، فالعامي يرجع إلى المجتمع في مسألة الفحص عن دليل ، وهو رجوع على القاعدة كما تقدّم ، وإذا ثبت لدى العامي عدم وجود دليل على الحرمة تعبّدا يشمله دليل البراءة ، وبذلك يصحّ للمجتهد أن يفتيه بمفادها ، وهو حليّة المشكوك في حرمته مع عدم وجود دليل على حرمته.
غاية الأمر ، انّه تبقى مسألة الاختصاص ، من ناحية عدم الفحص ، وفي هذه النقطة يقال : بأنّ دليل الفحص يدلّ على لزوم فحص كلّ مكلّف بحسبه ، وفحص المقلّد ليس بالرّجوع إلى كتب الفقه ، وإنّما هو بالرّجوع إلى المجتهد ، إذ برجوعه إليه وعدم وجدان ما يدلّ منه على الخلاف ، يكون قد أكمل الفحص ، وبذلك يصير صغرى لكبرى الوظيفة الظّاهرية المقرّرة ، بسبب قيام الإمارة أو الأصل الشرعي أو العقلي.
والخلاصة : هي أنّه من غير ناحية الفحص ، يكون الاشتراك بين المجتهد والمقلّد في الوظيفة الظّاهرية المقرّرة ثابتا لكون المجتهد عالما بموضوعه وجدانا.
وبذلك يكون المقلّد برجوعه إلى العالم في ذلك هو عالم أيضا بالموضوع تعبّدا على القاعدة.