إذن فعملية التنزيل لها فهمان :
الأول : أن يكون التنزيل عملية ثبوتية ، عالمها نفس المولى قبل أن يتكلم بشيء ، ومضمون هذه العملية هو جعل الحكم.
الثاني : هو أن تكون عملية التنزيل عملية بيانية بحسب مقام الإثبات ، وحينئذ إذا بنينا على الثاني ، إذن لا موضوع لكلام المحقّق العراقي ولا لكلام الآخوند «قده» ، لأنّ عملية التنزيل إذا كانت مجرد عملية بيانية ، فلا يتمّ كلا الكلامين ، لأنّ التنزيل ليس عبارة عن جعل الحكم ليقال : إنّه إذا كان حكم واحد فلا بدّ أن يكون هناك تنزيل واحد كما يقول الآخوند «قده» ، ذلك انّ التنزيل ليس جعل الحكم ، بل هو طرز بيان لسعة دائرة الحكم ، كما انّ كلام العراقي «قده» لا يتمّ ، لأنّ تعدّد التنزيل أمر إثباتي لا ربط له بتعدّد الحكم كي نفتش عن حكمين تنزيليين ، بل حتّى لو لم يوجد إلّا حكم واحد ، فمع هذا يعقل تعدّده ، ففي الدليل الأول نقول : «المستطيع البالغ يجب عليه الحج» ، وبعد هذا يريد التعويض عن «أو» فيقول : «البذل بمنزلة الاستطاعة» ، ثمّ يعوض عن «أو» مرّة أخرى فيقول : «الرشد بمنزلة البلوغ».
فبعد ضم هذين إلى الدليل الأول ، تكون النتيجة انّه إذا تحقّقت الاستطاعة والبذل والبلوغ أو الرشد ، يجب الحج ، فتعدد القرائن المنفصلة لا ينافي مع وحدة الحكم.
إذن ، فبناء على الفهم الثاني لعملية التنزيل لا يتمّ كلا الكلامين.
وأمّا لو بني على الفهم الأول ، وهو كون عملية التنزيل عملية ثبوتية ومضمونها ثبوتي في نفس المولى ، وهو جعل الحكم ، حينئذ ، يكون معنى التنزيل جعل الحكم وإسراؤه من موضوع لآخر ، وحينئذ يكون لكلام الآخوند «قده» صورة ، وهو انّ التنزيل إذا كان كذلك ، حينئذ ، إذا كان عندنا حكم واحد فلا يكون عندنا إلّا تنزيل واحد ،