وحينئذ ، العراقي «قده» يفتش عن حكمين كي يتعدّد التنزيل فيقول : إنّ كل واحد من جزأي الموضوع له حكم تعليقي كما تقدّم تفصيله.
لكن هذا غير تام في مقام الجواب على إشكال الكفاية ، ويردّ عليه.
أولا : إنّ هذا الحكم التعليقي الّذي فرضه للاستطاعة ، والحكم التعليقي الّذي فرضه للبلوغ ، هما ليسا حكمين مجعولين حقيقة ، وإلّا للزم تعدّد الحكم ، ويكون الحج واجب مرتين على من بلغ واستطاع ، وهو خلف ، بل هذان الحكمان منتزعان من نفس جعل ذاك الحكم الواحد لوجوب الحج على الموضوع المركب.
نعم العقل ينتزع من هذا الجعل الواحد عنوانين انتزاعيين كما عرفت ، فهما مجعولان بتبع منشأ انتزاعهما.
ثانيا : لو فرض انّ عملية التنزيل كانت عملية ثبوتية مرجعها إلى الجعل وإسراء الحكم من مورد لآخر ، إذن ، فهذا الحكم التعليقي لا يعقل إسراؤه إلّا بإسراء منشأ انتزاعه ، وحيث انّ كليهما منشأ انتزاعهما واحد ، إذن فيعود الإشكال.
الاعتراض الثاني : هو انّنا لو تعاملنا مع هذين الحكمين التعليقيين كحكمين قابلين للجعل مباشرة ، حينئذ نقول : إنّ عندنا تنزيلان ، تنزيل للبذل ، منزلة الاستطاعة ، وتنزيل للرشد منزلة البلوغ ، وكل منهما يكون بلحاظ الأثر التعليقي ، ففي الأول ، وهو تنزيل البذل منزلة الاستطاعة ، فالأثر التعليقي هو وجوب الحج ، فهنا نسأل : إنّ الأثر التعليقي الّذي لوحظ عند التنزيل ، وأسري بتنزيل البذل منزلة الاستطاعة ، فهذا الوجوب ، هل هو وجوب الحج المعلق على البلوغ؟ فإذا كان هو ، إذن ينتج أنّه لو انّ هذا الإنسان بذل له الزاد وكان بالغا فيجب عليه الحج ،