لكنّه لا ينتج ـ أنّه إذا بذل له وكان راشدا ـ أنّه يجب عليه الحج ، هذا بمقتضى التنزيل منزلة الجزءين لا أحدهما ، فلو كان المقصود التعويض عن أحد الجزءين لما اتجه الإشكال أصلا كما صرّح هو به ، لأنّه يأخذ ذاك الجزء الوجداني في الجزء الّذي يريد أن ينزله منزلة شيء آخر ، وينزل الجزء التنزيلي مع الجزء الوجداني منزلة الجزءين الوجدانيين.
والحاصل هو أنّه حينما ينزل البذل منزلة الاستطاعة في الحكم المعلق ، فهذا الحكم ما هو؟ فإن كان هو وجوب الحج على المستطيع المعلق على البلوغ ، فينتج أنّه لو بذل له الزاد وكان بالغا أنّه يجب عليه ، ولا ينتج وجوبه على من اجتمع عليه كلا الجزءين التنزيليين ، ونفس الشيء يقال في ذاك الطرف ، وهذا غير المقصود.
وإن قلتم انّه في هذا التنزيل حينما ينزل البذل منزلة الاستطاعة فهو ينزله من حكمها المعلق الّذي هو وجوب الحج على تقدير الرشد ، لا على تقدير البلوغ ، فحينئذ ، الحكم المعلق جعل في التنزيل الآخر لا في الجعل الأول ، لأنّه في الأول جعل على المستطيع إذا بلغ ، وعلى البالغ إذا استطاع ، لا على المستطيع إذا كان راشدا ، إذن فهذا الحكم مجعول في التنزيل الآخر ، فيلزم أن يكون هذا التنزيل ناظرا لذاك وفي طوله ، وكذلك يقال في التنزيل الآخر ، وعليه فيلزم الدور حينئذ ويكون كل من التنزيلين في طول الآخر.
وحاصل الدور في الإشكال الثاني على العراقي «قده» ، هو أنّه إذا أريد إيجاد تنزيلين بنحو بحيث يعوض عن مجموع الجزءين الأصليين بمجموع الجزءين التنزيلين من دون أن يعوض عن أحد الجزءين فقط بالبدل التنزيلي وبضمه إلى الجزء الآخر ، فإنّ هذا خارج عن المقصود ، إذ المقصود من تنزيل المؤدى منزلة الواقع ، وتنزيل القطع بالواقع الجعلي منزلة القطع بالواقع الحقيقي ، هو إقامة مجموع البدلين التنزيليين مقام