٢ ـ المحذور الثاني : اللازم من كلام المشكّكين في العقل العملي ، هو أن يقال لهم : انّه بناء على إنكاركم لأحكام العقل العملي ، سوف ينسدّ باب إثبات نبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل نبوّة سائر الأنبياء عليهمالسلام ، وذلك لأنّ إثبات النّبوّة إنّما يكون بالمعجزة ، غير أنّ دلالة المعجزة على النّبوّة ، فرع مقدّمة عقلية مأخوذة من العقل العملي ، وهي قبح إظهار المعجزة على يد الكاذب ، لأنّ ذلك تضليل ، وهو قبيح من الله ، وبعد ضمّ هذه المقدّمة العقلية إلى المعجزة ، يثبت أنّ المعجزة تكون دالة على صدق مدّعي النّبوّة ، ولو لا هذه المقدّمة لما دلّت المعجزة وحدها على نبوّته ، إذ غاية ما تدلّ عليه هو ، انّ الله تعالى خرق المألوف وأوجد هذه الحادثة ، أمّا كون هذا نبي ، فهذا لا يثبت كما عرفت ، إذن هذه المقدّمة لا بدّ منها ، وهي مأخوذة من العقل العملي ، فإذا أنكرناه ثبوتا أو إثباتا ، فمعناه : إنكارنا لهذه المقدّمة ، ومعه لا دليل على النّبوّة.
وهذا النقص ، يمكن دفعه ، ولنا عليه ثلاث تعليقات.
١ ـ التعليق الأول : هو أنّه لا حاجة في دلالة المعجزة على صدق مدّعي النّبوّة إلى ضمّ هذه المقدّمة العقلية ، وإن كان هذا هو المألوف في علم الكلام ، وذلك لأنّنا لو قطعنا النظر عن هذه المقدّمة العقلية ـ «قبح الكذب والتضليل» ـ نسأل ، انّه هل المعجزة تدلّ على إثبات النّبوّة أم لا؟ فإن كانت تدلّ عليها ، فهذا معناه : انّ دلالة المعجزة على النّبوّة لها طريق آخر إجمالا ، من دون توقف على ضم هذه المقدّمة ، وإن كانت لا تدلّ عليها ، ـ مع قطع النظر عن هذه المقدّمة العقلية ـ ، إذن ، فأيّ كذب حينئذ موجود حتّى يقبح ، إذ لا قبح حينئذ أصلا ، لأنّ قبح الكذب ، فرع كون المعجزة دالة على النّبوّة ، فإذا قلنا انّ المعجزة في نفسها لا يكون لها دلالة على النّبوّة ، فإنّه حينئذ لا قبح أصلا ، لأنّه لا كذب.
٢ ـ التعليق الثاني : هو انّ هذه المقدّمة العقلية الّتي نضمّها إلى