المعجزة ، وهي «قبح الكذب» قد يستبدلها المشكّك بمقدّمة عقلية من العقل النظري ، فيبدل قضية «قبح الكذب» بقضية «منقصة الكذب» ، فإنّ النقصان منفي عنه تعالى بالعقل النظري ، لأنّ المطلق لا نقصان فيه بوجه ، إذن ، فنحتاج إلى بحث في إمكانية تحويل المقدّمة العقلية المذكورة ، من دعوى «قبح الكذب ، إلى دعوى «منقصة الكذب» ، والمنقصة غير القبيح ، إذ ليس كل منقصة قبيح ، فالجهل نقص ، لكنّه ليس قبيحا في كثير من الأحيان ، والنقص منفي عنه تعالى بالعقل النظري ، لأنّ النقص حدّ ، والمطلق لا حدّ فيه.
٣ ـ التعليق الثالث : وهو يختصّ بخصوص نبوّة نبينا محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم فنقول : انّه لو احتجنا إلى ضمّ هذه المقدّمة العقلية إلى المعجزة لإثبات النّبوّة ، فإنّا لا نحتاج إلى ضمها لإثبات نبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لأنّ معجزته هي نفس كتابه ورسالته ، لا على نحو الحصر ، وإن كانت بعض معجزاته الأخرى تحتاج إلى ضم هذه المقدّمة ، ولكن باعتبار انّ هذه الرّسالة لا يمكن لأمّي مثله أن يأتي بها من عند نفسه في مثل ظروف محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم الاجتماعية ، فإنّه حينئذ ، لا نحتاج إلى ضمّ تلك المقدّمة ، لأنّ هذه المعجزة عبارة أخرى عن أنّه جاء بها من عند الله تعالى ، ولا معنى للمجيء بها من عند الله صدفة.
٢ ـ الجهة الثانية : في الكلام الحلّي ، وقبل الدخول في الحل ، يمكن تصعيد بيان هذه الشبهة بنحو تصبح تشكيكا وبرهانا للتشكيك الأشعري الثبوتي فضلا عن التشكيك الإثباتي ، وذلك بأن يقال : انّ هذا الاختلاف في الحسن والقبح دليل على أنّهما ليسا صفتين واقعيتين ثابتتين للأشياء في نفس الأمر والواقع ، بل هما تلفيقات عرفية اجتماعية ، ولذا اختلفا باختلافهما ، وهذا معنى انّ الحسن والقبح شرعيين لا عقليين ، أي أنّهما بجعل الشارع وتربية مرب.