الأطهار عليهمالسلام ويفتون النّاس دون أن يكون عندهم علم بذلك ، ودون أن يرجعوا إلى الإمام المعصوم من أهل البيت عليهمالسلام رغم أنّهم كانوا معاصرين له ، وهكذا ، تكون هذه الرّوايات أجنبية عن محل الكلام.
ثمّ إنّه لو سلّم دلالة هذه الرّوايات ، بمعنى أنّه سلّم أنّ عنوان الرأي المذكور فيها مطلق يشمل الرأي الظني والرأي القطعي ، إذن ، فتكون دالة على عدم حجيّة الدليل العقلي القطعي بالإطلاق ، فتقع المعارضة بينها وبين بعض الطوائف من الرّوايات الدالة على لزوم اتباع العلم والدالة على براءة العالم إذا عمل بعلمه (١) ، من دون تقييد بأن يكون مصدر هذا العلم العقل أو الشرع ، وحينئذ ، تكون النسبة بين هاتين لطائفتين ، العموم والخصوص من وجه ، لأنّ هذه الطائفة الثانية تدلّ على أنّ من قضى بالواقع وهو يعلم فهو في الجنّة ، أي سواء كان علمه عقليا أم شرعيا ، وتلك الطائفة تدلّ على أنّ من أفتى برأيه فهو في النّار ، أي سواء كان رأيه ظنيا أو قطعيا ، ومعه : فيتعارضان في مادة الاجتماع ، وهو مورد العلم العقلي ، ومع عدم المرجح ، يتساقطان فيه ، ومعه : لا يبقى دليل على الردع عن العمل بالعلم العقلي.
ثمّ إنّ هناك طائفة من الرّوايات ، ذكرها في أصول الكافي (٢) ، كما أشار إليها الشيخ الأعظم «قده» (٣) ، تحثّ على العمل بالعقل ، وهذه الرّوايات لو تمّت سندا ودلالة ، لوقعت طرفا للمعارضة مع تلك الرّوايات المدّعى دلالتها على النهي عن العمل بالعقل أو الرأي.
وقد يقال : بأنّ ما دلّ على حرمة العمل بالرأي ، مقدّم على هذه
__________________
(١) أصول الكافي : ج ١ ، ص ٤٢ ـ ٤٣ ـ ٤٤.
(٢) أصول الكافي : الكليني ، ج ١ ، باب النهي عن القول بغير علم ، ص ٤٢.
(٣) الرّسائل : الأنصاري ، ص ١١ ـ ١٢.