الجامع قد تمّ عليه البيان وأصبح منجزا ، وترك امتثاله مخالفة قطعية لما هو معلوم ، وهو حرام.
وبهذا يثبت أصل منجزية العلم الإجمالي للجامع على جميع المباني بلا إشكال.
٢ ـ المقام الثاني : في انّ تأثير العلم الإجمالي في هذه المنجزية ـ أي في حرمة المخالفة القطعية ، وعدم إطلاق العنان فيهما معا ـ هل هو على نحو العلية ، أو على نحو المقتضي المعلّق تأثيره الفعلي على عدم ورود الترخيص في تمام الأفراد؟
وقد اختار المشهور في هذه المرحلة ، انّ العلم الإجمالي علّة تامة لحرمة المخالفة القطعية ، وأنّه يستحيل الترخيص في تمام الأفراد.
وخالف في ذلك صاحب الكفاية «قده» ، حيث ذهب إلى أنّ العلم الإجمالي ليس علّة تامة لحرمة المخالفة القطعية ، وانّ مرتبة الحكم الظاهري محفوظة في أطرافه ، فيعقل ثبوتا جريان الأصول العملية في تمام أطرافه.
والصحيح ما ذهبنا إليه كصاحب الكفاية (١) لكن لا بالنحو الّذي ذكره ، بل الصحيح ، انّ العلم الإجمالي ليس علّة تامة لذلك ، بمعنى أنّه لا يستحيل عقلا أن يتعبّدنا الشارع بالأصول العملية الترخيصيّة في تمام الأطراف ، حتّى لو أدّى ذلك إلى الترخيص في المخالفة القطعية.
والعلماء القائلون بالعليّة ، وهم المشهور ، ذكروا وجوها لإثبات العليّة من قبيل أن يقال : إنّ جريان الأصول في تمام الأطراف يوجب الترخيص في المعصية ، لأنّ هذا ترخيص في المخالفة القطعية ، والمخالفة القطعية معصية ، وهي قبيحة بحكم العقل ، والترخيص بذلك قبيح ، وعليه : يستحيل جريانها في تمام الأطراف.
__________________
(١) كفاية الأصول : الخراساني ، ج ٢ ، ص ٣٥ ـ ٣٦.