وانّ العلم الإجمالي مقتض لحرمة المخالفة القطعية. لا انّه علّة تامة لها.
والخلاصة : هي انّ كلام صاحب الكفاية «قده» غير تام ، لأنّه إذا كان المقصود بالفعلية في قوله : «إذا كان التكليف الواقعي فعليا» ، إنّ هناك مصلحة فعلية على طبق الحكم الواقعي ، فهذا معقول ، إلّا أنّه لا يمنع عن جعل حكم ترخيصي على خلافه ، لأنّ الحكم الواقعي وإن كان موجودا ، إلّا أنّه قد وقع التزاحم بين مبادئه ، ومبادئ الحكم الترخيصي الّذي هو الأهم بحسب الغرض ، ولهذا جعل ذلك الحكم الترخيصي على خلاف ذلك الحكم الواقعي ، فإنّ فعلية الحكم الواقعي إنّما تحفظه إذا لم تزاحم بما هو أهم منها.
وإذا كان المقصود بالفعلية الفعلية حتّى بلحاظ المزاحمة ، بمعنى أنّه لا مزاحم لها أبدا ، فحينئذ يتمّ كلامه «قده» حتّى في الشبهة البدوية كما ذكر هو «قده» ، لأنّ مثل هذه الفعلية تستدعي في مقام حفظها ، جعل حكم بوجوب الاحتياط ، ومعه لا يمكن الترخيص ، إلّا أنّ فعلية التكليف الواقعي بهذا المعنى لا دليل عليها ، وعليه : فما ذكره «قده» غير تام.
وبذلك يظهر انّ الترخيص في المخالفة القطعية أمر معقول ثبوتا ، وانّ العلم الإجمالي مقتض لحرمة المخالفة القطعية لا أنّه علّة تامة لها.
وهناك كلام في المقام ذكره المحقّق العراقي «قده» (١) حاصله : انّه لا نعقل الفرق بين العلم التفصيلي ، والعلم الإجمالي من حيث حكم العقل بالمنجزية ، وذلك ، لأنّ العلم التفصيلي وإن اختلف عن العلم
__________________
(١) مقالات الأصول : العراقي ، ج ٢ ، ص ١٨ ـ ١٩.