والمعنى مثلاً : من بلغه ثواب عبادة أربعين سنة مثلاً على عمل فعمله ، كان له ذلك الثواب وإن لم يكن الواقع كما بلغه ، فهو وإنّ كان مغايراً لحكم العقل باستحقاق أصل الثواب على هذا الفعل ولم يكن مؤكداً له بناءً على أنّ العقل يحكم باستحقاق أصل الثواب ولا يحكم باستحقاق ذلك الثواب المسموع ، بل قد يناقش في تسمية ما يستحقه هذا العامل لمجرد احتمال الأمر ثواباً وإن كان نوعاً من الجزاء والعوض ، إلّا أنّ مدلول هذه الأخبار اخبار عن تفضّل الله سبحانه على العامل بالثواب المسموع وهو أيضاً لا يستلزم الأمر المولوي ، بل هو نظير قوله تعالى : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) ملزوم لأمر إرشادي يستقل به العقول.
والحاصل : أنّ اخبار من بلغ ، إنّ دلّت على ثبوت أصل الثواب ، فتؤكّد حكم العقل وتدل بالالتزام على أمر إرشادي بتحصيله فتؤكد حكم العقل أيضاً ولا تدل على وجود أمر مولوي ، وإن دلّت على ثبوت الثواب المسموع فلا يوافق حكم العقل ولا يؤكده ، ولكن تدل أيضاً على أمر إرشادي بتحصيله ولا تدل على أمر مولوي» (١).
وأنت واقف بمتانة هذا الوجه بالنسبة إلى الأقوال السالفة وموافقته مع ما ذكرنا في صدر البحث من أنّ لسان هذه الأخبار يعمّ الواجب والمستحب ولا وجه لتخصيصها بالمندوبات وعدم ورود الإيرادات السابقة عليه ، ومع ذلك كله فقد ناقش بعض المحققين فيما أفاده (قدسسره) بما نصّه : قد استدلّ الشيخ (قدسسره) للارشاد بوجوه :
الأوّل : تقييد العمل في بعض الأخبار بطلب الثواب الموعود ، الثاني : تقييده في البعض الآخر بالتماس قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ووجه الاستدلال أنّ العمل المأتي به بداعي الثواب أو التماس قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم انقياد ولا يكشف ترتّب الثواب عليه عن أمر في البين لأن ترتّب الثواب عليه عقلي.
__________________
(١) فرائد الأُصول : ٢٣٠ ، طبعة رحمة الله.