الجواب الثاني : أن الثواب يترتب على الاحتياط عقلاً وحيث إنّه معلول للأمر فيكشف بطريق الانّ عن تعلق الأمر بالعمل المشكوك تعلق الأمر به.
وقد أشار المحقّق الخراساني (قدسسره) إلى هذا الوجه بقوله :
«وانقدح بذلك أنّه لا يكاد يجدي في دفعه أيضاً القول بتعلّق الأمر به من جهة ترتب الثواب عليه» (١).
وقد أُجيب عن هذا الوجه أيضاً بالوجوه الخمسة المتقدمة طرّاً ، أمّا الثلاثة الأول ، فواضح ، وأمّا الرابع فلأنّ ترتب الثواب موقوف بحسب مقام الثبوت على الأمر بالاحتياط الموقوف عليه حسب توقف الحكم على موضوعه ، فلو ثبت الاحتياط بالأمر لدار ، ولكن يمكن دفع الدور بالبيان المذكور آنفاً. وأمّا الخامس فهو أيضا واضح. إلّا أنّك قد عرفت ما فيه من المناقشة.
الجواب الثالث : ما أفاده الشيخ الأعظم (قدسسره) في فرائده : «منع توقفها [يعني العبادة] على ورود أمر بها بل يكفي الإتيان بها لاحتمال كونها مطلوبة أو كون تركها مبغوضاً ، ولذا استقرت سيرة العلماء والصلحاء فتوى وعملاً على إعادة العبادات لمجرد الخروج من مخالفة النصوص غير المعتبرة والفتاوى النادرة» (٢).
قال شيخنا الأُستاذ ـ دام ظله ـ : إنّه أمتن الأجوبة وأحسنها ، وزاد في توضيحه ما حاصله : أنّ الحاكم على لزوم قصد الأمر في العبادات هو العقل لا الشرع وهو يحكم بلزوم قصد الأمر القطعي فيما إذا كان الأمر قطعياً وبلزوم قصد الأمر الاحتمالي فيما إذا كان احتمالياً مثل المقام. ولا يوجب ذلك تشريعاً في الدين لأنّ العمل يؤتى به بقصد الرجاء والاحتياط من دون الاستناد إلى الشرع وإنّما يوجبه إذا أسند إليه ، مع العلم بأنّه ليس منه.
***
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٢ / ١٩٤.
(٢) فرائد الأُصول : ٢٢٨ ، طبعة رحمة الله.