لا يكون داعياً في نفسه والمعتبر محرك في نفسه ، مضافاً إلى لزوم التضاد فيما كان الخبر المعتبر ظاهراً في الوجوب.
وجه الضعف : أن لسان هذه الأخبار ، غير مختص بالأخبار غير المعتبرة وقد عرفت وجهه. وعدم كون هذه الأخبار محركة في نفسها لا يفيد في إثبات الدعوى لأنّ هذا الكلام يأتي في الأخبار المعتبرة أيضاً ، فإنّ المحرك للعبد في جميع الموارد هي الحالات النفسانية من الإيمان والاعتقاد والخوف من العذاب والشوق إلى الثواب ، لا الأخبار حتى يفرق بين معتبرها وغيرها ، والشاهد على ذلك وجود الأخبار ، بل الآيات في مرأى كثير من الناس مع عدم تحركهم نحو العمل بها. ومما ذكرنا يعلم عدم لزوم التضاد فيما إذا كان الخبر المعتبر قائماً على الوجوب.
ثمّ إنّ سيّدنا الأُستاذ ـ أعلى الله مقامه ـ قال في بيان عدم التنافي ما حاصله :
«لا منافاة بين أن يكون خبر الثقة حجة وأن يكون مطلق الخبر حجة في المستحبات ، وما دل على حجية قول الثقة غير دال على عدم حجية غيره وما دل على عدم اعتبار قول خبر الفاسق أو غير الثقة ، قابل للمناقشة» (١).
أقول : لو لم تدل أدلّة حجية قول الثقة على عدم حجية قول غيره ولو بالالتزام ، فما هو الفائدة في جعل الحجية لقول الثقة؟ أليس معنى ذلك هو عدم الاستواء بين قول الثقة وقول غيره؟ مع أنّ كثيراً منهم استدلوا على اعتبار العدالة في الراوي بآية النبأ وهو بمنطوقه يدل على عدم اعتبار قول غير الثقة. فكلامه بظاهره غريب جداً ، اللهمّ إلّا أن يكون مراده (قدسسره) اختصاص ما دل على حجية قول الثقة بالواجبات والمحرّمات حتى لا يعارض ذلك مع ما يدل على اعتبار مطلق الخبر في المستحبات وهو أخبار من بلغ.
ولكن ذلك وإن صح بالنسبة إلى آية النبأ لما ذكرنا من اختصاصها ظاهراً
__________________
(١) تهذيب الأُصول : ٢ / ٢٩٦.