لمن أتى بالفعل الذي بلغ فيه الثواب ، تفضلاً وعناية منه تعالى ، وقد عرفت أنّ هذا النحو من المضمون عام للواجبات والمستحبات ، ولا وجه لتخصيصه بالثاني ، حتى يكون النسبة هو العموم من وجه.
وعليه فلو كان بينهما تخالفاً ، كانت النسبة هو التباين ، لا العموم من وجه لأنّ لسان أخبار من بلغ حينئذ ، إسقاط الحجية عن كل خبر دل على عمل يثاب على فعله واجباً كان أو مستحباً ولسان أدلّة شرائط الحجية إثبات هذه الشرائط واعتبارها.
غير أنّ التحقيق عدم التخالف بينهما أصلاً ، لأنّه لا صلة ولا ارتباط بينهما رأساً ، فانّ كلاً منهما ورد في جهة الآخر ، ورد اخبار من بلغ لبيان أنّ كل عمل يفعله العبد المؤمن اتّكالاً على تفضله وعنايته سبحانه ، لا يكون بدون الجزاء والثواب ، سواء كان العمل واجباً أو مستحباً ، كان الواقع على طبق ما بلغ أو لم يكن ، كان الخبر معتبراً أو لم يكن ، وهذا النحو من البيان ، يصدر لدفع التشويش والاضطراب من نفس العبد الذي يحتمل عدم مطابقة الخبر الدال على الواجب أو المستحب للواقع وعدم نيله الثواب ، فانّ احتمال عدم مصادفة الخبر الواحد الواقع موجود حتى في ما بلغ الدرجة العليا من الاعتبار.
وأمّا أدلّة شرائط الحجية من الوثاقة والعدالة ، فهي في صدد بيان أنّ الخبر لا يكون حجة ومعتبراً في إثبات الأحكام الشرعية ، إلّا إذا كان واجداً لتلك الشرائط ، فهي ساكتة من جهة إعطاء الثواب على العمل الذي دل الخبر عليه تفضلاً منه تعالى ، كما أنّ أخبار من بلغ أيضاً ساكتة من جهة الحجية والاعتبار ، فلا مجال لوقوع التعارض بينهما أصلاً.
ومن هذا البيان يظهر ضعف ما أفاده بعض الأجلّة في تعليقته على الكفاية ، من أنّ الظاهر اختصاص هذه الأخبار بالأخبار غير المعتبرة لسوقها للتعرّض لما