لإحدى الطائفتين تعرض لحال الأُخرى.
وأمّا رابعاً : فلأنّ قوله : «لو قدم ما دل على اعتبار الشرائط في مطلق الأخبار لم يبق لأخبار من بلغ مورد بخلاف العكس». منظور فيه بما أفاده سيّدنا الأُستاذ ـ أعلى الله مقامه ـ من أنّ أخبار الباب لا تختص بخبر الثقة بل لها إطلاق يعم الثقة وغيرها ، فلو خرج مورد التعارض بقي الفرد الآخر تحته ، ولا يلزم أن يكون المورد الباقي مختصّاً بها.
نعم لو كان مضمونها إلغاء اعتبار الشرائط أو حجية الخبر الضعيف بالخصوص ، لكان لما ذكره وجه ، وأمّا لو كان مفادها حجية قول المخبر في المستحبات كان لها إطلاق يعم الثقة وغيره ، فلو خرج مورد التعارض عن الإطلاق لكان مفادها حجية قول الثقة في المستحبات. هذا مضافاً إلى أنّ عدم بقاء المورد ليس من المرجحات بعد فرض التعارض (١).
وقد يجاب عن الإشكال : بأنّه لا تعارض بينهما نظراً إلى أنّ هذه الأخبار لا تدل على جواز الركون إلى خبر الفاسق وتصديقه وإنّما تدل على استحباب ما روى الفاسق استحبابه.
وأنت خبير بأنّ الالتزام باستحباب ما روى الفاسق استحبابه هو عين الركون إلى خبره والتصديق لقوله ، مع أنّ المقصود من طرح خبر الفاسق جعل احتمال صدقه كالعدم وظاهر هذه الأخبار هو عدم جعله كالعدم ، ومن هنا لو وردت نظير هذه الأخبار في الخبر الفاسق الدال على الوجوب أو الحرمة ، لكانت أدلّة طرح خبر الفاسق معارضة لها بلا إشكال.
والصحيح في الجواب أن يقال : إنّه لا تعارض بين أخبار من بلغ وأدلّة شرائط الحجية أصلاً ، لأنّ مفادها على المختار هو الأخبار بإعطاء الأجر والثواب
__________________
(١) لاحظ تهذيب الأُصول : ٢ / ٢٩٧.