ابن خلدون ـ أم أنّها جاءت لمكانة قريش بين القبائل العربية ، أو أنّها ترجع إلى عوامل الزمن وتقادم الأخذ عن قريش وما احيط بهذه اللهجة من قداسة بعد الإسلام ، أم جاء لعوامل أخرى؟
نحن لا يسعنا ـ هنا ـ الإجابة عن هذه الأسئلة ، وقد يكون فيما نصوّره عن الجزيرة العربية قبل الإسلام ، وكيفية تأثّر العرب بالحضارات المجاورة جواب عن بعض هذه التساؤلات.
العرب وتاثّرهم بالحضارات المجاورة
قد أشرنا سابقا إلى مكانة اللغة العربية ، والآن نريد الإشارة إلى مدى تأثّر العرب بالحضارات المجاورة ، وهل أنّ اختلاف اللهجات عندهم يضرّ بمكانة اللغة أم لا؟
ولبيان ذلك نعطي صورة بسيطة عن الحضارات المجاورة لنوقف القارئ على حقيقة الأمر.
كانت السومرية والأكدية والبابلية والآشورية من الحضارات القديمة الّتي استقرّت في شمال شبه الجزيرة العربية ( العراق ) ومنذ خمسة الآف سنة قبل الميلاد ، وقد اهتم ملوك هذه الحضارات بالكتاب والمكتبة حتّى قيل بأن الملك ( شرجينيا ) أنشا مكتبة في ( وركا ) مملوءة بالكتب اللغوية والفلكية والشرعية والأدبية وغيرها ، ثمّ نسخت بعد إنشائها بخمسة عشر قرنا بأمر من أمير آشوري ، وحفظها في دار خاصة بها كما تحفظ المكاتب اليوم ، وعثر المنقبون على بقايا هذه المكتبة بين النهرين ونقلوها إلى المتحف البريطاني في لندن (١).
__________________
(١) انظر : تاريخ ، آداب اللغة العربية ، لجرجي زيدان ١ : ١٧ ـ ١٨.