ويؤيد ما فعله السيّد المدني من فصل المعنيين ، أنّ ما ورد بمعنى القبر ـ والذي عبر عنه ابن الاعرابي بحفرة الميت ـ ورد في الشعر بلا هاء ، « رهين مودّإ » ، فكأنّ ابن الأعرابي أنّث وقال « المودّأة » باعتبار « الحفرة » وإن كان أصل ما عن العرب هو « المودّأ » بمعنى القبر.
ويؤيّد ذلك ما في شرح حماسة أبي تمام للخطيب التبريزي ، حيث روى البيت :
أأبيّ إن تصبح
رهين قرارة |
|
زلخ الجوانب
قعرها ملحود |
وقال في شرح ما نحن فيه : يعني بـ « قرارة » القبر ، والقرار والقرارة واحد ، ودخول الهاء وسقوطها في أسماء المواضع كثير ، نحو دار ودارة ومكان ومكانة ومرقب ومرقبة ، فإذا دخلت الهاء كان أخصّ. (١)
* وفي مادة « أوب » قال : « الأوب ، كثوب : المطر ، والسحاب ، والريح ... ».
ولم تذكر المعاجم المتداولة المطر من معاني الأوب ، وذكرت في مقابل ذلك النّحل من معاني الأوب ، في حين لم يذكره السيّد المصنّف في طرازه.
وقد أخذ اللغويون تفسير الأوب بالنّحل من خلال تفسيرهم بيت شعر للمتنخل الهذلي ، قاله يصف عزّ هضبة ومنعتها :
ربّاء شمّاء لا
يأوي لقلّتها |
|
إلاّ السحاب
وإلاّ الأوب والسّبل |
قال السكّري في شرحه : والأوب : رجوع النّحل ، والسّبل : القطر حين يسيل. (٢)
__________________
(١) شرح الحماسة ٣ : ٤٤.
(٢) شرح أشعار الهذليين ٣ : ١٢٨٥.