د ـ وتظهر إلى جانب هذه الميزات المذكورة ميزة أخرى ، وهي تدقيقه في تفسير بعض الآيات التي أشكل تفسيرها ، وطرحه رأيه هو مستندا إلى ما عنده من ادلّة وشواهد.
ففي مادة « لألأ » ذكر رأيا انفرد به من بين المفسرين في تفسير قوله تعالى : ( يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ ) ، حيث ذكر الآراء المطروحة في تفسير الآية الكريمة ، ثمّ لم يرتض ذلك حتّى طرح رأيه الذي حققه هو بنفسه رحمهالله ، قال :
|
( يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ ) أي من البحرين الملح والعذب ، قالوا : نسبة خروجهما إلى البحرين ـ مع أنهما لا يخرجان إلاّ من الملح ـ لأنهما انما يخرجان من ملتقى الملح والعذب ، أو لأنّهما لمّا التقيا وصارا كالشيء الواحد صحّ نسبته إليهما ، وقيل هو على حذف المضاف ، أي من أحدهما (١). والحقّ أنّ اللؤلؤ يخرج من البحر الملح ، ومن الأمكنة التي فيها عيون عذبة في مواضع من البحر الملح ، كما شوهد ، ويؤيّده قوله تعالى : ( وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها ). بل قال يحيى بن ماسويه في كتاب الجواهر : مغاص الصين في الماء العذب في خور الصين ، وهو مغاص كبير يخرج منه متاع كثير ، ويقع فيه اللؤلؤ الكبار. فلا حاجة إلى هذه التكلّفات. |
__________________
(١) هذه الآراء الثلاثة ، ذكر الزمخشري في كشّافه الاثنين الأولين منها انظر الكشاف ٤ : ٤٤٥ ـ ٤٤٦ ، وذكرهما الطبرسي أيضا في ممع البيان ٥ : ٢٠١. وأمّا الرأي الأخير فهو راي أبي علىّ الفارسي كما في تفسير القرطبي ١٦ : ٢٩.