وعلى أيّ حال ، فإنّ هناك من الأقوال المحبكة النادرة والحكم السائرة والأقوال الوجيزة ما تصلح أن تكون أمثالا أو تجري مجراها ، ولذلك قال أبو هلال نفسه.
ويجري من خلال ما فسّرت منها [ أي من الأمثال ] ومن غيرها حكايات وأشعار تصلح أن تكون أمثالا ... فتؤخذ وتستعمل في المواضع التي تصلح لها (١).
وقال أبو الفتح الموصلي في المثل السائر : وأمّا الوقائع التي وردت في حوادث خاصة بأقوام فإنها كالأمثال في الاستشهاد (٢) ...
ومن هنا كان السيّد المدني قد التفت إلى هذه النكتة ، فعدّ كثيرا من أقوال العرب السائرة الموضوعة على حدّ المثل ، عدها أمثالا كما سيأتي بيانه.
والأمثال تضرب محكيّة على ما وضعت عليه ، قال أبو هلال : وضرب المثل : جعله يسير في البلاد ؛ من قولك : ضرب في الأرض إذا سار فيها ، ومنه سمّي المضارب مضاربا ، ويقولون : الأمثال تحكى ، يعنون بذلك انها تضرب على ما جاءت عن العرب ، ولا تغيّر صيغتها ، فتقول للرّجل : الصيف ضيّعت اللبن ، فتكسر الياء لأنّها حكاية (٣).
وكذلك تقول للأنثى : « تسمع بالمعيدي خير من أن تراه » على صيغة المذكر ، لأنّ المثل وضع على ذلك ، فتضربه محكيّا على ما هو عليه ، وإن كان المضروب فيه المثل مؤنّثاً.
وقد نهج السيّد المصنف في المثل منهج الشرح الوافي مع الاختصار ، دون التطويل المملّ في وجوه المثل ومعانيه ، فهو يأخذ زبدة الأقوال وخلاصتها ،
__________________
(١) جمهرة الأمثال ١ : ٦.
(٢) المثل السائر ١ : ٤٢.
(٣) جمهرة الأمثال ١ : ٧.