وأيضا أي : ذكرهم أيام وصال الأرواح في عالم الأفراح ، حيث كاشفت قناع الربوبية عن جلال وجد الصمدية لها حتى عشقت بجمالي وبقيت في وصالي وذاقت طعم محبتي من بحر قربتي ما أطيبها ، وما ألذّها حين كلّمتها بعزيز خطابي ، وعرّفتهم حقائق جمالي ، فقلت : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) [الأعراف : ١٧٢] من غاية محبتي وشوقي لها ، قالوا : بلى من شوقي ومحبتي أين تلك الأرواح حيث باعدت من مزار الوصال ، وأيام الكشف والجمال ؛ ليذكروا زمان الصفاء ولطائف الوفاء ؛ ليزيدوا شوقا على شوق ، وعشقا على عشق.
وكانت بالعراق لنا ليالي |
|
سلبناهن من ريب الزمان |
جعلنا من تاريخ الليالي |
|
وعنوان المسرة والأماني |
وأيضا ذكرهم سرور مشاهدتي وخوفيهم عن مقاطعتي ؛ فإن شأنهما عظيم وخطرهما جسيم.
نهايات راحات النفوس وصالها |
|
وغايات لذات العيون لقاؤها |
واشوقاه إلى تلك الأيام الصافية عن كدورة البشرية |
|
واشواقاه إلى أيام كشف النقاب بلا علة العتاب |
كان لي مشرب يصفو برؤيتكم |
|
فكدرته يد الأيام حين صفا |
ثم بيّن سبحانه أن فوت أيام القدم رزية عظيمة لكل صبّار في الفراق ، وإن رجاء وصول أيام البقاء سرور عظيم لكل شكور أنعام المشاهدة والمعرفة بقوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ).
قال بعض المشايخ : ذكرهم بأيام الله وهي ما سبق لأرواحهم من الصفوة وتعريفه التوحيد قبل حلولها في الأشباح.
سقيا لها ولطيبها ولحسنها وبهائها |
|
أيام لم يلح النوى بين العصا ولحافها |
ويقال : ذكرهم الله بأيام الله هي أيام التي كان العبد فيها في كتم العدم ، والحق يقول بفعله الأزلي عبادي ولم يكن للعبد عين ولا أثر ولا للمخلوق منه خبر ، حين لا وفاق بعد ولا شقاق ولا وفاء ولا جفاء ولا جهد للسابقين ولا عناء ولا ورد للمقتصدين ولا بكاء ولا ذنب للظالمين ولا التواء ، كان متعلق العلم ، متناول القدرة ، مقصورا الحكم على الإرادة ، ولا علم له ولا اختيار ولا زلة ولا أوزار ، إن في ذلك لايات لكل صبار شكور.