الْمُعْتَدُونَ (١٠) فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (١١) وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (١٢) أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣) قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٥) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٦) ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ (١٧))
قوله تعالى : (لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً) : وصف الله سبحانه المخالفين بأنّ ليس لهم رعاية أهل الجنّة ، ولا يحترمون أهل المعرفة ؛ لقلّة معرفتهم بحرمات أهل الحضرة ، وما منّ الله عليهم من الكرامات السنيّة.
قال محمد بن الفضل : حرمة المؤمن أفضل الحرمات ، وتعظيمه أجلّ الطاعات ، قال الله تعالى : (لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً).
قوله تعالى : (أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) : بيّن الله تعالى أن من يخشى غير الله ، فلا وزن له في المعرفة ، صغّر الأعداء في عيون الأولياء ؛ لئلا يفزعوا منهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وملأ قلوبهم من أنوار هيبته وإجلاله ، وحذّرهم من المداهنة في الدين ، وعرّفهم عجز الخلق بعد تعريفهم عزّته وجلاله ، أي : تخشونهم ، وهم هباء في بطش قهر ربوبيّتي ، فأنا أهل أن تخشوا مني ، فإنّي بوصف الجبروت قهّار قهر كلّ من يبارزني في محاربة أوليائي ، وأضاف خشيتهم إلى نفسه بلفظ الجمع على معنى الذات والصفات ، ألا ترى إلى قوله : (فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ) : اسم الله : اسم عين الجمع ، وهو عين الذات والصفات.
قال بعضهم : الخشية للذات ، والخوف للصفات.
قال الله : (أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ).
وقال : (وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ) [الرعد : ٢١].