قال : كانوا يرون أنه يسأل أهل الكتاب (١).
لكن هذا لا يقدح في صدقه وعدالته ؛ فقد «أجمعت الأمّة على إمامته والاحتجاج به ، وقد أخرج له أصحاب الكتب السّتّة» (٢).
ثم إنّ سؤال أهل الكتاب أمر مباح ـ فيما لا يتعلّق بحكم تشريعيّ ـ أباحه الرسول صلىاللهعليهوسلم (٣).
كان مجاهد ـ رضي الله عنه ـ يعطي عقله حرّيّة واسعة في فهم بعض نصوص القرآن التي يبدو ظاهرها بعيدا ؛ فإذا ما مرّ بنصّ قرآنيّ من هذا القبيل ، وجدناه ينزّله بكلّ صراحة ووضوح على التشبيه والتمثيل ، وتلك الخطّة كانت فيما بعد مبدأ معترفا به ، ومقرّرا لدى المعتزلة في تفسير القرآن بالنسبة لمثل هذه النصوص» (٤).
نموذج من تفسير مجاهد : روى ابن كثير أن مجاهدا قال في قوله تعالى : (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً) [لقمان : ٢٠] ، قال : أما الظاهرة : فالإسلام والقرآن والرسول والرّزق ، وأما الباطنة : فما ستر من العيوب والذنوب (٥).
وقال في قوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [الحجرات : ١١] قال : من لم يتب إذا أصبح وإذا أمسى ، فهو من الظّالمين (٦).
٣ ـ عكرمة :
هو : عكرمة بن عبد الله البربريّ المدنيّ ، مولى عبد الله بن عبّاس ، يكنى بأبي عبد الله ، أصله من البربر بالمغرب (٧).
سمع من مولاه «ابن عبّاس» ، وعليّ بن أبي طالب ، وعبد الله بن عمر ، وعمرو بن العاص ، وأبي هريرة ، وأبي سعيد الخدريّ ، وغيرهم (٨).
__________________
(١) «طبقات ابن سعد» ٥ / ٤٦٦.
(٢) «سير أعلام النبلاء» ٤ / ٣٢٤.
(٣) يقول صلىاللهعليهوسلم : بلغوا عني ولو آية ، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار.
(٤) «التفسير والمفسرون» ١ / ١٠٨.
(٥) «البداية والنهاية» ٩ / ٢٣٤.
(٦) «البداية والنهاية» ٩ / ٢٣٤.
(٧) «طبقات ابن سعد» ٥ / ٢٨٧ ، «وفيات الأعيان» ١ / ٣١٩ ، «البداية والنهاية» ٩ / ٢٥٤ ، «الأعلام» ٥ / ٤٣.
(٨) «طبقات ابن سعد» ٥ / ٢٨٧.