حتّى يكون ذلك تنزيلا آخر غير التنزيل المتعلّق بالمؤدّى. والمفيد في المقام هو الثاني دون الأوّل ، ولا ملازمة بين التنزيل المؤدّى منزلة الواقع وبين تنزيل القطع به منزلة القطع بالواقع. كما لا ملازمة بين تنزيل زيد منزلة الأسد وبين تنزيل أبيه منزلة أب الأسد وأخيه منزلة أخ الأسد ، فأبوه بعد تنزيل زيد ، أب وجداني للأسد التنزيلي لا أب تنزيلي للأسد الواقعي ، والمجدي لترتيب آثار أب الأسد الحقيقي هو الثاني دون الأوّل ، وإنّما الأوّل يجدي في ترتيب أثر الأب الحقيقي للأسد التنزيلي ، ولا يحتاج ترتيبه إلى أزيد من تنزيل الابن منزلة الأسد ؛ لأنّ الجزء الآخر وهو الأبوّة محرزة بالوجدان فإذا نزّل الابن تمّ بذلك موضوع الأثر فيرتّب الأثر.
هذا كلّه بناء على أنّ مؤدّى أدلّة الأمارات جعل الأحكام الظاهريّة. أمّا إذا كان مؤدّاها جعل الحجّيّة ، أو كونها تقادير لفعليّات الأحكام الواقعيّة ـ نظير الأمارات العقلانيّة ـ فلا يبقى مورد للتوهّم المتقدّم ؛ فإنّه لم ينزّل المؤدّى منزلة الواقع كي يستلزم ذلك تنزيل القطع به منزلة القطع بالواقع.
وبمثل ما حرّرناه في الأمارات نقول في الاستصحاب ؛ فإنّ عبارة «لا تنقض اليقين» لا مانع من أن يشمل تنزيل المشكوك منزلة المتيقّن وتنزيل الشكّ منزلة اليقين ، فيرتّب آثار نفس اليقين ـ على أن يكون اليقين ملحوظا بما هو يقين لا بما هو عبرة إلى المتيقّن ـ ؛ فإنّ صفة المنجّزيّة لمّا كانت ثابتة لنفس صفة اليقين نزّل الشكّ منزلته في هذه الصفة ومعنى إعطاء المنجّزيّة للشكّ وجعل الشكّ منجّزا هو التكليف بإتيان المشكوك.
نعم ، ظاهر أخبار الاستصحاب ومنصرفها هو جعل المؤدّى ؛ فإنّ ظاهرها أنّ اليقين لوحظ عبرة إلى المتيقّن ، فمن أجل هذا الظهور لا نتعدّى إلى ترتيب آثار اليقين لا أنّ هناك مانع عقلي من الشمول.
عدم جواز أخذ القطع بحكم في موضوع نفسه
لا يؤخذ القطع بحكم في موضوع شخص ذلك الحكم ؛ للزوم الدور.
وأمّا أخذه في موضوع حكم آخر مثله أو ضدّه فلا مانع منه ؛ لإمكان أن يكون القطع بالحكم عنوانا ثانويّا مغيّرا للحكم الثابت بالعنوان الأوّلي الذي تعلّق به القطع فيرتفع ذلك