على جهة الكاشفيّة دون الموضوعي على وجه الصفتيّة (١).
ولكن المختار عدم المانع العقلي من عموم التنزيل وشمولاه لجميع أقسام القطع لو لا الانصراف اللفظي.
بيانه : أنّ القطع كما هو موضوع للأحكام الشرعيّة بجهتي كشفه وطريقيّته كذلك هو موضوع للأحكام العقليّة الثلاثة المتقدّمة ، ومن جملتها وجوب المتابعة على زعم القوم ، فإذا أريد تنزيل الظنّ منزلة القطع في جهة وجوب المتابعة وأيضا في كلّ حكم شرعي هو للقطع لم يحتج إلى لحاظ القطع آليّا بل لا يلحظ إلّا استقلالا ، وينشأ أحكام مثله للظنّ الملحوظ استقلالا. وكون وجوب المتابعة في القطع عقليّا لا يمنع من جعل مماثله في الظنّ ، ويكون مماثله المجعول في الظنّ حكما تعبّديّا شرعيّا.
هذا ، ولكنّ أدلّة اعتبار الأمارات غير واف لتنزيل الظنّ منزلة القطع الموضوعي ، وإنّما مفادها وضعا أو انصرافا تنزيل المؤدّى منزلة المؤدّى. انظر إلى قوله : «ما يقوله عنّي ، فعنّي يقول» (٢) ، وإلى قوله عليهالسلام : «لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك فيما يرويه ثقاتنا» (٣) وإلى قوله عليهالسلام : «عليك بزكريا بن آدم القمّي ، المأمون على الدين والدنيا» (٤). إلى غير ذلك من أدلّة حجّيّة خبر الواحد ، وأدلّة اعتبار سائر الأمارات.
إن قلت : هب أنّ أمثال هذه التعبيرات يختصّ بتنزيل المؤدّى دون نفس الظنّ ، إلّا أنّ بالملازمة بين التنزيلين يمكن تتميم المدّعى ، فأحد التنزيلين يكون مدلولا مطابقيّا للعبارة والآخر مدلولا تبعيّا ؛ فإنّ مؤدّى الظنّ إذا كان واقعا تعبّدا كان قطعنا الوجداني به قطعا بالواقع تعبّدا ، فيرتّب عليه ما يرتّب على القطع بالواقع الحقيقي من الأحكام.
قلت : نعم ، قطعنا به قطع بالواقع تعبّدا ، على أن تكون كلمة تعبّدا تمييزا للواقع لا للقطع
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٦.
(٢) الكافي ١ : ٣٢٩ باب في تسمية من راه عليهالسلام ، ح ١ ؛ الغيبة للطوسي : ١٤٦ ـ ١٤٧ ؛ وسائل الشيعة ٢٧ : ١٣٨ أبواب صفات القاضي ، ب ١١ ، ح ٤ وفي المصادر «ما قال لك عنّي فعنّي يقول».
(٣) اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) : ٥٣٦ / ١٠٢٠ ؛ وسائل الشيعة ٢٧ : ١٤٩ ـ ١٥٠ أبواب صفات القاضي ، ب ١١ ، ح ٤٠.
(٤) اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) : ٥٩٤ / ١١١٢ ؛ وسائل الشيعة ٢٧ : ١٤٦ أبواب صفات القاضي ، ب ١١ ، ح ٢٧.