التجرّي
هل القطع فيما أخطأ يوجب حدوث مثل الحكم المقطوع به أو لا ، بعد الاتّفاق على أنّه لا يوجبه فيما أصاب؟ والظاهر اختصاص الخلاف والنزاع بالقطع بخصوص الوجوب والحرمة دون مطلق الحكم الشامل للإباحة.
وربما يفصّل بين القطع بحرمة واجب أو وجوب حرام فلا ، وبين غيرهما فنعم ، أو يراعي مع ذلك أقوى المناطين فيحكم بتأثيره.
وليعلم أنّ هذا البحث لو تمّ لعمّ من الجهتين ، من جهة خطأ القطع وإصابته ، ومن جهة كون المقطوع به حكما إلزاميّا وعدمه ، مثل أن يقطع بإباحة ما ليس بمباح أو كراهة ما ليس بمكروه ، ولم يكن وجه للتخصيص ؛ إذ القطع لو كان له التأثير كان مؤثّرا في جميع الموارد بلا امتياز مورد عن مورد فيتأكّد الواقع لدى الإصابة بما يأتي من الحكم من ناحية القطع.
ووراء هذا البحث بحث آخر ، وهو أنّه لو لم يكن للقطع هذا التأثير ولم يحدث بالقطع حكم فهل يحدث بالقطع استحقاق العقاب عند المخالفة لأجل التجرّي وبما أنّ العبد قاصد للمعصية ، أو أنّ العقاب يختصّ بالمعصية الحقيقيّة؟
أمّا الكلام في المبحث الأوّل ـ أعني قبح الفعل المتجرّى به عقلا وحرمته شرعا على أن يكون عنوان التجرّي على المولى قبيحا نظير معصيته ، ومحرّما كسائر العناوين المحرّمة شرعا ـ : فالحقّ أنّ القبيح غير ثابت. والعقل إن وجّه الذمّ على المتجزّي فبخبث ذاته وانكشاف أنّه غير مبال بمعصية المولى ، لا بما أنّه فاعل للقبيح ، ولا بما أنّه قاصد للمعصية.