أجله وجب القضاء على من غفل ولم يصلّ في تمام الوقت ، كذلك المقام. وليس الغرض إثبات ما يزيد على سائر الخطابات في خطاب «لا تنقض» ليكون مؤدّاه فعلا مطلوبا من الغافل حتّى يقال : كيف يكلّف الغافل بتكليف وهو غافل؟!
ثمّ إنّهم اعتبروا في الاستصحاب أمرين آخرين :
الأوّل : اتّصال زمان المشكوك بالمتيقّن يعنون بذلك أنّ زمان المتيقّن لو تردّد بين ساعتين كحدث وطهارة علم بحدوثهما في ساعتين ثمّ شكّ في السابق منهما ، ومن أجل هذا الشكّ شكّ في الساعة الثالثة في الحدث والطهارة ، فإنّه لا يستصحب شيء من الحادثين لعدم العلم بالمتّصل منهما بالساعة الثالثة ، بل لو كان المتّصل منهما معلوما لم يكن الشكّ حاصلا في بقائه إلى الساعة الثالثة.
ويدفعه : أنّ عبارة «لا تنقض» لا تساعد على أزيد من أن يكون التعبّد متوجّها إلى الاستمرار دون الحدوث ، وفي مورد الفرض كذلك ؛ فإنّه يقال : الحدث من ساعة حدوثه مستمرّ إلى زمان الشكّ ، وكذلك الطهارة. نعم هما متعارضان إن ترتّب على كلّ منهما أثر شرعي ، وليس يلزمنا الإشارة إلى وعاء الخارج ، وأنّه من أيّة ساعة هو مستمرّ.
الثاني : بقاء الموضوع ، وهو أن يكون الموضوع في القضيّة المشكوكة هو بعينه الموضوع في القضيّة المتيقّنة ، ويلزمه أن يكون الحكم في موضوع الشكّ هو مماثل الحكم المتيقّن ، وسيجيء الكلام في هذا وفي أنّ العبرة في بقاء الموضوع على الموضوع العرفي بحسب المناسبات المغروسة في أذهانهم دون الموضوع الحقيقي ، وإلّا لا نسدّ باب الاستصحاب في الأحكام ، وفي أغلب الموضوعات ؛ لعدم بقاء الموضوع كذلك. نعم ، إنّما يعتبر نظر العرف إذا لم يتعلّق الموضوع بالدقّة من الشارع بحيث علم ما هو الدخيل من الخصوصيّات ممّا لا دخل له وإلّا أضرّ ارتفاع أدنى قيد.
وعليه يتفرّع منع الاستصحاب في الأحكام الشرعيّة المستندة إلى حكم العقل لدخل كلّ القيود هنا ، فكان الشكّ مستندا إلى ارتفاع شيء من القيود الدخيلة ؛ وذلك أنّ الموضوع في حكم العقل معلوم بحدوده وخصوصيّاته ، وحكم الشرع المستكشف من حكم العقل وارد على ما ورد عليه حكم العقل ، فإذا جاء زمان توقّف العقل في حكمه كان ذلك لا محالة لأجل خلل في موضوع حكمه ، فيختلّ بذلك موضوع الحكم الشرعي أيضا ؛ فلأجل ذلك