إلى غير ذلك من الأخبار الناطقة باعتبار صفة اليقين في جانبي دخول رمضان وخروجه.
فقد تحصّل انحصار الدليل من هذه الأخبار على الصحيحتين الأوليين مع المناقشة في دلالتهما على العموم إلّا أن يقال : إنّ إلغاء المورد في كلّ منهما بقرينة الاخرى يثبت العموم ، إلّا أن يناقش بأنّ غاية ذلك عموم اعتبار الاستصحاب في الطهارة الحدثيّة والخبثيّة ، فيبقى إثبات العموم فيما سواهما بلا دليل يقتضيه.
وقد يؤيّد هذه الأخبار بأخبار وردت في موارد خاصّة على طبق الاستصحاب.
فمنها : موثّقة عمّار : «كلّ شيء نظيف حتّى تعلم أنّه قذر ، فإذا علمت فقد قذر ، وما لم تعلم فليس عليك» (١).
ومنها : رواية مسعدة : «كلّ شيء هو لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك» (٢).
بتقريب : أنّ الجملة الأولى من الروايتين تدلّ على الحكم الأوليّ للأشياء ، وأنّه الطهارة والحلّ ، والجملة الثانية تدلّ على استمرار ذلك الحكم الواقعي في ظرف الشكّ ، وذلك بقرينة جعل الغاية لاستمراره العلم بالقذارة والحرمة ، أو بتقريب : أنّ الروايتين مسوقتان لبيان استمرار الطهارة والحلّ في ظرف الشكّ في الأشياء المفروغ عن طهارتها وحلّيّتها.
وكلّ من التقريبين باطلان في ذاتهما ، وعلى تقدير الصحّة غير مثبتين للمطلوب.
أمّا بطلان التقريبين فلأنّ الجملة المغيّاة يراد منها طهارة الأشياء مستمرّة إلى أن يعلم بالنجاسة ، وهذه الطهارة المحكوم بها هي طهارة مركّبة من طهارة واقعيّة وأخرى ظاهريّة ثابتة في ظرف الجهل ، لا خصوص الأولى كما توهّمه المتوهّم الأوّل ، ولا خصوص الثانية كما زعمه المتوهّم الثاني.
أما دخول القطعة الواقعيّة في اللفظ فذلك باقتضاء نفس العبارة ، وأمّا دخول القطعة الظاهريّة فذلك باقتضاء من الغاية وقرينتها ، حيث جعلت الغاية العلم بالقذارة ، فالغاية تبيّن
__________________
(١) التهذيب ١ : ٢٨٤ / ٨٣٢ ؛ وسائل الشيعة ٣ : ٤٦٧ أبواب النجاسات ، ب ٣٧ ، ح ٤.
(٢) الكافي ٥ : ٣١٣ / ٤٠ ؛ التهذيب ٧ : ٢٢٦ / ٩٨٩ ؛ وسائل الشيعة ١٧ : ٨٩ أبواب ما يكتسب به ، ب ٤ ، ح ٤.