استصحاب الشخص لا استصحاب القسم الثالث من الكلّي.
وأمّا الكلام في المقام الثاني ـ أعني المقيّد بالزمان إذا شكّ فيه بعد ارتفاع قيده ، سواء كان القيد قيدا للحكم أو لمتعلّق الحكم كما إذا تعلّق الحكم بالجلوس قبل الزوال ـ فهو أنّ هذا القيد سبيله سبيل سائر القيود المتبدّلة ، يعني إذا كان القيد قيدا بحسب نظر العرف والعقل جميعا فلا يجري الاستصحاب ، وإذا كان قيدا بحسب نظر العقل فقط ويكون بحسب نظر العرف ظرفا والمعروض للحكم ما عدا ذلك القيد فيجري الاستصحاب.
والوجه في ذلك : أنّ قضيّة «لا تنقض» الذي هو دليل الاستصحاب كسائر الخطابات العرفيّة منزّل على المفهوم العرفي ، والنقض العرفي يدور مدار بقاء الموضوع العرفي كما أنّ النقض الحقيقي يدور مدار بقاء الموضوع الحقيقي.
وتمام الكلام في ذلك في مبحث اعتبار بقاء الموضوع في جريان الاستصحاب.
إذا عرفت ما ذكرنا فاعلم أنّ كلّ وجود ارتفع أو عدم انقلب إلى وجود ثمّ شكّ في زمان آخر في وجوده لم يكن مجال للاستصحاب ما ارتفع وتبدّل ليعارض استصحاب ما تبدّل إليه ، فلو لم يكن زيد ثمّ كان وشكّ في زمان ثالث في وجوده استصحب وجوده وأمّا عدمه السابق على وجوده فقد تبدّل بيقين آخر فاصل بينه وبين الشكّ في وجوده ، فلا محلّ لاستصحابه. وهذا ممّا لا إشكال فيه.
نعم في خصوص التكليف ـ حيث إنّه أمر إضافي يتكثّر بتكثّر المتعلّق للتكليف ـ إذا انقلب عدم التكليف بالنسبة إلى متعلّق إلى وجود التكليف بالنسبة إلى ذلك المتعلّق لم يمنع هذا الانقلاب عن إجراء استصحاب البراءة بالنسبة إلى متعلّق آخر.
ومن جملة ذلك ما إذا علم التكليف بالفعل في زمان بحيث كان الزمان ظرفا يجري معه استصحاب التكليف لو شكّ فيه فيما بعد ذلك الزمان ؛ فإنّ عدم التكليف بالفعل في ذلك الزمان قد انقلب إلى التكليف به فيه ، فلم يبق مجال لاستصحاب عدمه.
وأمّا عدم التكليف بالفعل في سائر الأزمنة ـ ومن جملتها الزمان المتّصل بزمان العلم بالتكليف ـ فلم يعلم فيه بالانقلاب ، فيستصحب العدم ، ويعارض به استصحاب الوجود المتقدّم. وهذه المعارضة سارية في عامّة موارد الاستصحاب في الأمور المجعولة ـ وضعيّة كانت أو تكليفيّة ـ فلا يبقى لنا مورد يجري فيه الاستصحاب بلا معارض ، فيختصّ