ولا ينافي ذلك العلم بتأثير الوضوء في طهارة مستمرّة لو لا ما جعله الشارع رافعا ؛ فإنّ العلم بدوام الاقتضاء يمنع عن الرجوع إلى أصالة عدم الاقتضاء لا عن الرجوع إلى أصالة عدم التأثير الفعلي المتوقّف مضافا إلى الاقتضاء على عدم المانع عن التأثير الفعلي ، فالمشكوك يكون هو التأثير فعلا ، والأصل عدمه ، وبعد تعارض الاستصحابين وتساقطهما يرجع إلى قاعدة الاحتياط وجوب إحراز الشرط في الصلاة.
تنبيه : الشكّ في بقاء الحكم بعد ارتفاع القيد المقوّم للموضوع ـ زمانا كان أو غير زمان ـ يكون بأحد وجهين :
الأوّل : احتمال حدوث ملاك آخر قائم بالباقي لم يكن هذا الملاك حين وجود القيد ـ ولو لمنع القيد عنه واقتضائه لملاك آخر أقوى ، لا إشكال في عدم جريان الاستصحاب فيه.
الثاني : احتمال وجود ملاك مقارن قائم بالباقي يكون هو بضميمة الملاك القائم بالمجموع مؤثّرا في الحكم على المجموع بحيث يكون مرتبة من المطلوبيّة قائما بما عدا القيد ـ لا يكون القيد دخيلا فيه بوجه ـ ومرتبة أخرى قائما بالمجموع ، فإذا ارتفع القيد ارتفع موضوع الحكم الأوّل وبقي موضوع الحكم الثاني.
والحقّ عدم جريان الاستصحاب في هذا القسم أيضا.
أمّا أوّلا : فلأنّه لو قطع بأنّ الأمر كذلك لم يحتج إلى الاستصحاب ، بل الطلب كان باقيا بالقطع. ولو شكّ فكما يحتمل أن يكون الأمر كذلك يحتمل ألا يكون كذلك فلا يكون الموضوع محرز البقاء.
وأمّا ثانيا : فالحكم الأكيد الناشئ عن الملاكين قائم بالقيد والمقيّد وهو حكم واحد شخصي ، فإذا انتفى القيد انتفى هذا الحكم قطعا ، ويشكّ في إنشاء حكم آخر قائم بالباقي ، والأصل عدمه ، إلّا أن يستصحب جنس الوجوب الشامل للأصلي والتبعي ، فيقال : الباقي كان واجبا حين وجوب الكلّ ، فهو الآن كما كان ، وإن كان وجوبه حين وجوب الكلّ كان في ضمن الوجوب التبعي ، والآن لو كان كان واجبا أصليّا.