حاصل بالوجدان كالشكّ فيه ، فيتوجّه حكم «لا تنقض».
وأمّا المقام الثاني : فالحقّ ثبوت المعارضة دائما بين الاستصحاب التعليقي وأخر في قباله تنجيزي من غير حكومة أحد الأصلين على الآخر ، فكما يقال : ماء العنب إذا غلى يحرم فماء الزبيب كذلك استصحابا للحكم من حال العنبيّة ، كذلك يقال : ماء الزبيب كان قبل الغليان حلالا بالقطع فهو بعد الغليان باق على حلّيّته بالاستصحاب.
ليس هناك شكّ سببي وأخر مسبّبي لتصوّر الحكومة ، بل شكّ واحد في حكم عصير الزبيب بعد الغليان حلّا وحرمة ، والأصلان مختلفان حلّا وحرمة وهذا شأن المتعارضين. ومجرّد أنّ استصحاب الحرمة التعليقيّة كان جاريا قبل الغليان لا يوجب الحكومة ، مع أنّ لنا إجراء استصحاب الحلّ أيضا قبل الغليان لحصول الشكّ في هذا الحال في حكم ما بعد الغليان ، فكما يحكم بالاستصحاب الأوّل بالحرمة كذلك يحكم بالاستصحاب الثاني بالحلّ ، فيتساقط الأصلان ، ويرجع إلى أصالة الحلّ.
وكأنّ توهّم الحكومة ناشئ من تخيّل أنّ الحكم التعليقي ضرب من الحكم ، وله حظّ من الوجود في قبال عدمه كما أنّ الحكم التنجيزي ضرب منه ، ويكون الحكم التنجيزي عند حصول المعلّق عليه من آثار ثبوت الحكم التعليقي قبله ، أو من ملازماته العقليّة الثابتة للأعمّ من الحكم التعليقي الواقعي والظاهري ، فإذا حكم بالاستصحاب بثبوت الحكم التعليقي ترتّب عليه لازمه أو ملازمه ، ولم يكن لاستصحاب الحلّ مجال (١).
وهو توهّم فاسد ؛ فإنّ الحكم التعليقي ليس إلّا تعبيرا عن الحكم التنجيزي الثابت عند الشرط ، فليس في موارد الحكم التعليقي حكمان مجعولان : أحدهما تعليقي ثابت قبل حصول المعلّق عليه ، والآخر تنجيزي ثابت بعده ، بل الحكمان متّحدان ، فإن عبّر عن هذا الحكم قبل حصول المعلّق عليه عبّر بعبارة التعليق ، وإن عبّر عنه بعده عبّر بعبارة التنجيز ، فالواقع متّحد ، والتعبير مختلف.
نعم ، لو كان لاستصحاب الملازمة أو لاستصحاب الخصوصيّة المستتبعة للحكم التعليقي أثر شرعي ـ كانت فعليّة اللازم عند فعليّة الملزوم من حكم الشارع ـ كان
__________________
(١) كفاية الأصول : ٤١١.