نعم ، إشكال العلم الإجمالي بالنسخ يمنع عن التمسّك بشيء من الخطابات للإجمال العرضي. ولا يجدي هنا ما قيل في الجواب عن هذا الإشكال في المقام السابق ؛ فإنّ الأصول اللفظيّة مدارها على عمل أرباب اللسان ، والظاهر أنّهم لا يتمسّكون بشيء من أطراف العلم الإجمالي من غير فرق بين الإجمال بين أطراف مبتلى بها وبين الإجمال بين أطراف غير مبتلى بها ، فإذا علم إجمالا بالتجوّز في أحد خطابين : أحدهما خطاب تكليف والآخر خطاب قصّة وحكاية سقط خطاب التكليف عن الحجّيّة.
[التنبيه] السادس :
لا إشكال في أنّ خطاب «لا تنقض» أو خطاب سائر الأصول قد سبق لجعل الحكم ، وأمّا الموضوع الخارجي فلا يعقل فيه الجعل ، فلو كان مجرى الأصل حكما كان مفاد «لا تنقض» إنشاء حكم ظاهري مماثل للحكم المتيقّن ، ولو كان موضوعا كحياة زيد وعدالة عمرو كان معنى «لا تنقض» إنشاء أحكام ذلك الموضوع بلا واسطة. وهل معناه خصوص ذلك أو معناه إنشاء مطلق أحكامه ولو مع الواسطة؟ وأيضا هل معناه خصوص ذلك ، أو معناه إنشاء مطلق أحكامه ولو مع الواسطة؟
وأيضا هل معناه خصوص جعل الأحكام اللازمة لذلك الموضوع المترتّبة عليه ، أو معناه جعل مطلق الأحكام المرتبطة به ، سواء كانت لازمة له أو ملزومة أو كلازمة؟ فيكون المتيقّن من مفاد الأصل جعل مجراه أو جعل أحكام مجراه بلا واسطة ، وأمّا أحكام مجراه مع الواسطة أو الأحكام الملزومة لمجراه أو الملازمة له بلا واسطة فضلا عمّا كانت مع الواسطة بأن كانت ملزومة للملزوم ، وهكذا في لازم الملزوم وملازمه ، وهكذا في ملزوم اللازم وملازمه ، فكلّها داخلة تحت عنوان الأصل المثبت الذي وقع البحث عنه.
فللمثبتيّة جهتان :
إحداهما : كون الحكم المترتّب على مجرى الأصل مترتّبا عليه مع الواسطة ، والاخرى عدم كون الحكم مترتّبا ، بل ملزوما أو ملازما ولو كان بلا واسطة ، فتتداخل الجهتان فيما إذا كان مع الواسطة وملزوما أو ملازما كملزوم اللازم وملازمه ، أو لازم الملزوم أو الملازم وملزومها أو ملازمهما ، وهكذا.