لا يقال : إنّ الحال في أحكام اليقين مع الواسطة أيضا كذلك ، فإنّها لا تكون مترتّبة على ذلك اليقين ، بل تكون مترتّبة على اليقين بالواسطة.
فإنّه يقال : إنّ معنى ترتّبها على ذلك اليقين ليس بمعنى كون اليقين علّة تامّة في ترتّبها وإلّا لم تترتّب الأحكام بلا واسطة أيضا كوجوب الإنفاق المترتّب على الحياة ؛ لأنّها أيضا لا تترتّب بمجرّد اليقين بالحياة ما لم ينضمّ إليه اليقين بالحكم ، بل بمعنى دخل اليقين في ترتّبها.
ومن المعلوم أنّ اليقين بالحياة دخيل في ترتّب كلّ الأحكام المرتّبة على الحياة ولو بألف واسطة ؛ لأنّها أحكام مترتّبة بالاخرة على الحياة ، وهذا بخلاف الملزوم والملازم.
ودعوى عدم الإطلاق في الأخبار ، وأنّ متيقّنها هو النهي عن النقض الحاصل بترك ترتيب الآثار بلا واسطة ممنوعة. ولو صحّ ذلك لزم فيما إذا كانت الواسطة حكما شرعيّا أيضا الاقتصار على ترتيب نفس الواسطة دون الآثار المترتّبة عليها إذا كانت الآثار آثارا لخصوص الحكم الواقعي دون الأعمّ منه ومن الحكم الظاهري.
وبالجملة : معنى «لا تنقض اليقين» هو العمل حال الشكّ عمل المتيقّن بما هو متيقّن ، والمتيقّن بما هو متيقّن عمله مطلق الأعمال المترتّبة على متيقّنه بلا واسطة كانت أو معها. فالأخبار في ذاتها تشمل الآثار بلا واسطة ومعها.
ولكنّ الأصل بالنسبة إلى الآثار مع الواسطة يكون متعارضا وبالنتيجة ساقطا عن الاعتبار. فبالأخرة الأصل المثبت لا يكون حجّة ، بل عدم الحجّيّة بناء على ذلك يعمّ الآثار المترتّبة على الوسائط الخفيّة المعدودة آثار النفس المتيقّن أيضا مع أنّ القائلين بعدم الحجّيّة استثنوا ذلك.
بيان المعارضة : أنّ ذا الواسطة كما أنّه مسبوق باليقين بالوجود مثلا ، والأصل فيه البقاء ـ فيترتّب تمام آثاره حتّى المترتّبة على الواسطة ـ كذلك الواسطة مسبوقة باليقين بالعدم ، واستصحابها يقتضي نفي الآثار المترتّبة عليها ، وكلا الأصلين أصلان موضوعيّان في مرتبة واحدة.
وتوهّم حكومة الأوّل على الثاني في غاية الفساد ؛ فإنّ مجرى الأصل الثاني حسب المفروض ليس من الآثار الشرعيّة المترتّبة على الأوّل كي تتمّ الحكومة ، ويرتفع الشكّ فيه