ارتفاعا حكما بإجراء الأوّل ، وإنّما أثره وحكمه يترتّب على الأوّل مع أنّه يترتّب على الثاني أيضا ، فهناك أصلان متعارضان أحدهما في موضوع قريب والآخر في موضوع بعيد.
والحال في كلّ أصل يخالف الأصل في الواسطة مع الأصل في ذي الواسطة كذلك. وفي مثل ذلك يكون البحث عن حجّيّة الأصل المثبت منشأ أثر ، أمّا فيما إذا وافق الأصل في الواسطة للأصل في ذيها فلا أثر للبحث ؛ لأنّ الأصل في الواسطة جار لترتيب أثرها من غير حاجة إلى القول بالأصل المثبت.
هذا إذا قلنا بالأصل المثبت على المسلك الذي سلكناه ، أمّا إذا قيل به من باب تعدّد التنزيل وأنّ التنزيل في الملزوم يستلزم تنزيلا آخر في لوازمه العقليّة والعاديّة فيرتّب آثار تلك الوسائط بتنزيل موضوعاتها المتّصلة بها فالأصلان كذلك متعارضان ، يعني أصالة الاستصحاب الجارية في الواسطة مع هذا الأصل المستفاد من الأصل في ذي الواسطة.
تنبيهان :
الأوّل : استصحاب الشخص لترتيب آثار الشخص ممّا لا إشكال فيه. وهل يرتّب عليه آثار الكلّي المنطبق على ذلك الشخص من دون استصحاب للكلّي؟ إشكال ، بل الظاهر العدم ؛ فإنّ التعبّد بالشخص وإن كان تعبّدا بالكلّي لكن تعبّد بالكلّي بما هو متشخّص ومتخصّص بخصوصيّة كذا ، فكلّ أثر للكلّي بما هو كذلك ـ الذي هو عبارة أخرى عن أثر الشخص ـ يرتّب ، أمّا الأثر للكلّي بما هو كلّي ولا بشرط فلا ؛ حيث لم يتعبّد بالكلّي بما هو كذلك ، ولا ملازمة بين التعبّد بالشخص والتعبّد بالكلّي بما هو ؛ فإنّه يمكن أن يتعبّد بوجود زيد ولا يتعبّد بوجود الإنسان بل يتعبّد بعدمه.
وكون الكلّي في الخارج عين الفرد لا يقتضي أن يكون التعبّد بالفرد عين التعبّد بالكلّي ، إلّا على النحو الذي ذكرناه ، أعني يكون التعبّد بالفرد عين التعبّد بالكلّي المحدود والمشخّص ، فكلّ ما له محدود من الأثر يرتّب دون ما له مطلقا.
ثمّ لو سلّمنا ترتّب آثار الكلّي باستصحاب الفرد فإنّما ذلك في الكلّي المنتزع من مقام الذات والذاتيّات ، وأمّا المنتزع من مقام العرض والعرضيّات كعنوان «زوج» و «عالم» فلا يرتّب قطعا ما لم يستصحب الذات على ما كان عليه من الصفة ، فيستصحب زيد الزوج