دخيلا في الحكم ، بل تمام موضوع الحكم هو نفس الإكرام ، وأخرى تكون له مدخليّة في الجملة كما إذا أخذ إكرام العلماء مقيّدا بكونه في شهر كذا أو سنة كذا موضوعا للحكم ؛ فإنّ الإكرام الواقع فيما عدا ذلك الشهر والسنة يخرج لأجل هذا التقييد عن موضوع الحكم ، وأمّا الإكرام الواقع في كلّ جزء من أجزاء ذلك الشهر أو السنة فهو مصداق للطبيعة المأمور بها من غير خصوصيّة لقطعة من قطعات ذلك الشهر والسنة في الحكم ، بل طبيعة الإكرام المقيّد بكونه في ذلك الشهر أو السنة موضوع للحكم ، وأيّ فرد من مصاديق هذه الطبيعة حصل فقد تحقّق امتثال الأمر بها وسقط الأمر.
وإذا اتّضحت لك الأقسام الأربعة فنقول : لا إشكال في حكم القسمين الأوّلين ـ أعني قسمي القيديّة ـ وأنّ أحد قسميه ـ وهو ما كان الزمان قيدا مكثّرا للحكم ـ يرجع فيه بعد خروج قطعة منه إلى العموم ؛ لأنّ خروج كلّ قطعة فرد من التخصيص غير خروج القطعة الاخرى ، والمتيقّن من التخصيص خروج القطعة الأولى ، فيرجع فيما عداها إلى أصالة عدم التخصيص.
والقسم الآخر ـ وهو ما كان الزمان قيدا غير مكثّر للحكم ، بل كان الحكم حكما واحدا متوجّها إلى مجموع القطعات ـ لا يرجع فيه إلى العموم ؛ لأنّ الحكم الواحد المتوجّه إلى المجموع ينتقض ويبطل بخروج قطعة كما ينتقض بخروج مجموع القطعات. وبعبارة أخرى : الحكم الواحد المتوجّه إلى المجموع من حيث المجموع يذهب ويزول رأسا بخروج فرد واحد لانهدام الهيئة الاجتماعيّة الدخيلة في الحكم بذلك ، فلا يبقى محلّ لأصالة عدم التخصيص.
وأمّا القسمان الأخيران ـ وهما قسما الظرفيّة ـ فالحقّ أنّ خروج الخاصّ في زمان تقييد لإطلاق فرد من أفراد العامّ إطلاقا ضمنيّا. ومعلوم أنّ الإطلاق يؤخذ به فيما عدا مورد التقييد ، فكما أنّه إذا قال : «أكرم زيدا» ثمّ قيّد إطلاقه الأزماني بقوله : «لا تكرمه يوم الجمعة» أخذ بإطلاق «أكرم» في الحكم بوجوب الإكرام في سائر الأيّام ، كذلك إذا قال : «أكرم العلماء» الشامل بعمومه لزيد ، ثمّ الشامل بإطلاقه الأزماني لوجوب إكرام زيد في أيّ زمان كان ، فإنّه إذا خرج زمان من أزمنة الإطلاق كان ذلك تقييدا للإطلاق لا تخصيصا للعموم ، ويتمسّك في بقيّة الأزمنة بالإطلاق ، ولا يعقل الفرق بين التصريح ـ كما فيما ذكرناه من