الترجيح بزمان الإمام ونسب حمله على زمان الإمام إلى الصدوق ، ولم أعرف وجها للاستظهار ولا وجها للحمل ، بل عرفت أنّ الترجيح بذلك هو مقتضى القاعدة ما لم يرد الردع عنه. والحقّ ورود الردع عنه بكلتا طائفتي أخبار التخيير والترجيح.
وأمّا دلالة الأخبار فهي مختصّة بالحديث الذي ينقله نفس الإمام ، أو الفتوى التي يفتيها دون الحديث المنقول عنه.
ففي رواية الحسين بن المختار ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : أرأيت لو حدّثتك بحديث العام ثمّ جئتني قابل بأيّهما كنت تأخذ؟» قال : كنت اخذ بالأخير. فقال لي : «رحمك الله» (١).
وعن أبي عمرو الكناني قال : قال لي أبو عبد الله عليهالسلام : «يا أبا عمرو ، أرأيت لو حدّثتك بحديث ، أو أفتيتك بفتيا ، ثمّ جئتني بعد ذلك فسألتني عنه ، فأخبرتك بخلاف ما كنت أخبرتك ، أو أفتيتك بخلاف ذلك ، بأيّهما كنت تأخذ؟» قلت : بأحدثهما وأدع الآخر. فقال : قد أصبت يا أبا عمرو ، أبى عبد الله إلّا أن يعبد سرّا ، أما والله لئن فعلتم ذلك إنّه لخير لي ولكم ، أبى الله عزوجل لنا في دينه إلّا التقيّة» (٢).
ثمّ إنّ مقتضى إطلاق مجموع الطوائف الثلاث من الأخبار هو الردع عن الجمع العرفي ـ لو قلنا بالجمع العرفي في الأخبار ولم ننكره ـ فضلا عن الجمع الاقتراحي المنسوب إلى صاحب عوالي اللئالي.
ودعوى أنّ موضوع السؤال في الأخبار هو الحديثان المتعارضان أو المختلفان ، والتعارض أو الاختلاف لا يصدق مع الجمع العرفي ، فلا تعمّ الأخبار صورة الجمع العرفي ؛ مدفوعة بمنع عدم صدق التعارض والاختلاف في مورد الجمع العرفي ، لا سيّما في بعض أفراد الجمع العرفي المبني على تدقيق النظر في تشخيص الظاهر والأظهر.
كما أنّ دعوى أنّ مورد السؤال هو صورة التحيّر ، ولا تحيّر لأهل المحاورة في صورة الجمع العرفي ، مدفوعة بأنّه يكفي في صحّة السؤال احتمال أن يكون الحكم في صورة
__________________
(١) الكافي ١ : ٥٣ / ٨ ؛ وسائل الشيعة ٢٧ : ١٠٩ أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ٧.
(٢) الكافي ٢ : ١٧٣ / ٧ ؛ وسائل الشيعة ٢٧ : ١١٢ أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ١٧.