قطع القطّاع
تقدّم أنّ للقطع أحكاما ثلاثة عقليّة : وجوب متابعته ، ومنجّزيّته للتكليف ، ومعذّريّته.
أمّا وجوب متابعته فيختصّ بالقطع المصيب ، فموضوع هذا الحكم القطع بالواقع ـ على أن يكون القطع جزء الموضوع والجزء الآخر الواقع المقطوع ـ بل القاطع نفسه لا يحكم بمتابعة قطع أخطأ الواقع. نعم ، هو مشتبه في الصغرى ويزعم أنّه مصيب في قطعه ، ولذلك يلزم الحركة على طبقه.
ومنه يعلم أنّ حكم العقل بالحجّيّة ـ الذي هو من رشحات حكمه بوجوب المتابعة ـ أيضا مختصّ بالقطع المصيب.
وأوضح من هذا في الاختصاص بالقطع المصيب ، حكم العقل بالمنجّزيّة ؛ فإنّه لو لا الواقع والإصابة ، كان منجّزا لأيّ شيء؟
وأمّا المعذّريّة فهو حكم ثابت في موضوع القطع المخطئ ، بل عرفت أنّه حكم مطلق الجهل بالواقع ـ بسيطا كان أو مركّبا ـ ما لم يكن عن تقصير.
ثمّ إنّ أثر اختصاص الحجّيّة بالقطع المصيب يظهر في حق غيره إذا توجّه إليه حكم في موضوع قيام الحجّة عند القاطع ، بل وكذا في حقّ القاطع إذا قصّر في المقدّمات فمارس ما يعلم بخطئه ، فإنّه لا يعذّر فيه ، وإن كان في حال القطع لا يخاطب بترك العمل بقطعه.