وجهة الإشكال في هذا الاستصحاب أمران :
أحدهما : احتمال دخل الحياة في موضوع جواز التقليد.
الثاني : عدم إحراز بقاء الرأي للميّت أو بقاء الرأي المستند إلى الكتاب والسنة إمّا بانكشاف الواقعيّات له بموته أو بانمحاء ما كان يعلمه أيضا بالدهشة الواردة عليه من الموت ، وكلّ منهما لا يصلح للمانعيّة.
أمّا الأوّل فلأنّ الموضوع في نظر العرف هو النفس التي يكون العلم قائما بها وهي باقية ولا مدخليّة لتعلّقها بالبدن ، كما أنّ الموضوع في جواز نظر الزوج إلى زوجته ـ بعكس ذلك ـ هو البدن من غير مدخليّة لتعلّق النفس به. ولا يصغى إلى ما يقال بعدم بقاء النفس في نظرهم ، بل فنائها بالموت ، ومدار الاستصحاب على نظرهم ؛ فإنّه لا نظر لهم في ذلك ـ بقاء وفناء ـ ولا حكم مع أنّ الشارع الخبير إذا أخبرهم بالبقاء ارتدعوا عمّا كانوا يحسبونه أوّلا ورتّبوا آثار البقاء.
وأمّا الثاني فاستصحاب بقاء الرأي الحاصل من الكتاب والسنّة محكّم ، فيرتّب عليه أثره ؛ فإنّه كما يحتمل كلّ من انكشاف الواقعيّات بالموت ومن استتار ما كان يعلمه ، كذلك يحتمل بقاء معتقداته كما كان ، وإنّما انتقل من دار إلى دار بلا تغيير في عقائده. هذا ، مع احتمال أن يكون الموضوع لجواز التقليد وحجّيّة قول المفتي هو حدوث الاعتقاد كما أنّ المدار في حجّيّة الخبر هو حدوث الخبر.
وممّا ذكرنا ظهر الحال في مسألة البقاء. ويزيد مسألة البقاء باستصحاب بقاء التكاليف المتوجّهة إليه في حال الحياة ـ بل يشترك في هذا الاستصحاب ـ بعض صور التقليد الابتدائي كما إذا انحصر من يجوز تقليده في واحد بحيث لم يحتج تنجّز فتاويه في حقّ الشخص باختياره.
والمناقشة المتوجّهة إلى هذا الاستصحاب هي المناقشة المتوجّهة إلى الاستصحاب السابق.
ومنه يظهر أنّه لا وجه للتفصيل بين الحدوث والبقاء كما صدر عن كثير ، إلّا أن يعتذروا في المنع عن الحدوث بالإجماع ، أو يتشبّثوا في تجويز البقاء بالإطلاقات دون الاستصحاب.