حجّيّة الظنّ
لا إشكال في أنّ كلّ ما سوى العلم ليس حجّة في ذاته ، وإنّما البحث في أنّه هل يكون قابلا للحجّيّة بالعرض وبالجعل مع فرض انحفاظ الأحكام الواقعيّة ، وعدم انقلاب التكاليف الواقعيّة إلى التكليف بمؤدّيات الأمارات؟ فأثبته المشهور ، ونفاه ابن قبة ؛ لاستلزام ذلك اجتماع الضدّين ، أعني تحليل الحرام أو تحريم الحلال في مورد قامت الأمارة على حلّيّة الحرام الواقعي ، أو بالعكس.
وربما يزاد على ذلك لزوم اجتماع طلب الضدّين فيما إذا أدّت الأمارة إلى وجوب ضدّ ما هو واجب ، وكذلك لزوم تفويت المصلحة والإلقاء في المفسدة ، بل أقول : ويلزم اجتماع النقيضين فيما إذا أدّت الأمارة إلى عدم وجوب ما هو واجب ، أو عدم حرمة ما هو حرام.
ثمّ إنّ هذا وإن ذكره ابن قبة في خصوص خبر الواحد ، لكنّ مقتضاها عامّ يعمّ اعتبار كلّ ما سوى العلم من أصل أو أمارة. فينبغي لمن يعتبر شيئا من الأمارات والأصول في الشبهات الحكميّة أو الموضوعيّة أن يدفع المحذور.
والظاهر أنّ المحاذير باقية لا تزول ما دام الالتزام بالحكم الواقعي والآخر الظاهري باقيا. فدعوى أنّ أحد الحكمين واقعي والآخر ظاهري لا تجدي ؛ فإنّ الحكمين المتخالفين متضادّان ، سواء كانا واقعيّين أو ظاهريّين أو مختلفين.
ولعلّ إلى هذا يرجع كلام من أجاب بأنّ الحكمين ليسا في مرتبة واحدة ، بل أحدهما ـ وهو الواقع ـ متعلّق بالعنوان الواقعي والآخر بعنوان مشتبه الحكم ؛ فإنّ الواقع إذا طرأ عليه