الاشتباه فقد حصل الموضوعان ، ويلزمه تعلّق حكمهما ، فيلزم ما ذكره ابن قبة من المحذور.
وقد أجاب شيخنا المرتضى رحمة الله عن الإشكال في صورة الانسداد ـ بعد الالتزام به في صورة الانفتاح ، وأنّه لا مدفع عنه في صورة الانفتاح إلّا بالالتزام بالسببيّة وانقلاب الواقع إلى مؤدّى الأمارة الذي هو التصويب ـ قائلا بأنّه :
«إن أراد امتناع التعبّد بالخبر في المسألة التي انسدّ فيها باب العلم بالواقع فلا يعقل المنع عن العمل به فضلا عن امتناعه ؛ إذ مع فرض عدم التمكّن من العلم بالواقع إمّا أن يكون للمكلّف حكم في تلك الواقعة ، وإمّا ألا يكون له فيها حكم كالبهائم والمجانين ، فعلى الأوّل فلا مناص عن إرجاعه إلى ما لا يفيد العلم من الأصول والأمارات الظنيّة التي منها الخبر الواحد ، وعلى الثاني يلزم ترخيص فعل الحرام الواقعي وترك الواجب الواقعي ، وقد فرّ المستدلّ منهما. فإنّ التزم أنّ مع عدم التمكّن من العلم لا وجوب ولا تحريم ؛ لأنّ الواجب والحرام ما علم بطلب فعله أو تركه ، قلنا : فلا يلزم من التعبّد بالخبر تحليل حرام أو عكسه». انتهى (١).
وأنت خبير بأنّ هذا ليس جوابا عن ابن قبة ؛ فإنّه مع حفظ الواقعيّات وجّه المحذور ، وأنّه يلزم من جعل أحكام ظاهريّة تحليل الحرام وتحريم الحلال ، وهذا لازم إن كان هناك انفتاح أو كان انسداد. وأيّ معنى لوجوب نصب الحجّة في حال الانسداد بعد بقاء الأحكام الواقعيّة على واقعيّتها ، وهل ذلك إلّا وجوب الجمع بين الضدّين؟ إلّا أن يكون مقصود المجيب وجوب رفع اليد عن الأحكام الواقعيّة ، والاقتصار على ما في مؤدّى الطرق ، وهذا خارج عن مفروض كلام ابن قبة.
وبالجملة : الانسداد وعدم التمكّن من الوصول إلى الواقعيّات ولو لغلبة خطأ ما يحصل من أفراد الخطأ ، حتّى كانت الأمارة أغلب إصابة منه ـ إن كان نافعا ـ فإنّما ينفع في دفع محذور تفويت المصلحة أو الإلقاء في المفسدة ، ولا يجدي أبدا في دفع المحاذير الأخر حول التكليف ، من اجتماع الضدّين أو النقيضين أو طلب الضدّين. وقد أجاب الأستاذ العلّامة قدس سرّه عن الشبهات بأجوبة ثلاثة :
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٤١.