[حجّيّة الظواهر]
من جملة ما قام الدليل بالخصوص على اعتباره هو ظواهر الألفاظ. وقبل الشروع في بيانه نبحث عمّا يثبت الظهور ، وأنّ الظهور هل يثبت بالظنّ أم لا؟
فاعلم أنّ الظهور إمّا وضعي أوّلي ، أو مجازي ثانوي متولّد من قيام القرينة الصارفة عن المعنى الحقيقي. فإن شكّ في الأوّل ولم يعلم معنى اللفظ فالظاهر أنّه لا يكتفى بالظنّ في تعيينه. وما يرى من بناء أهل المحاورات على استعلام كلّ لغة من أبناء تلك اللغة ، بل يكتفى بالسؤال عن صبيّ أو مجنون ، فذلك لما يحصل لهم من الاطمئنان من أقوال أولئك ، لا أنّهم يتعبّدون بالجواب. ومثل هذا الاطمئنان من أينما حصل أخذ به. وبهذا المناط يمكن اعتبار أقوال أهل الخبرة بلغة العرب ـ وإن لم يكونوا منهم ـ كصاحب القاموس وأضرابه ، سيّما إذا تعدّد المخبر خاصّة مع مساعدة الاستعمالات العرفيّة.
ثمّ إنّه إن علم معنى اللفظ وشككنا في نقله عنه ، أو حدوث وضع جديد على سبيل الاشتراك مع الأوّل ، فالظاهر البناء من العقلاء على عدمه ـ وهذا هو معنى أصالة عدم النقل وأصالة عدم الاشتراك ـ لكن إذا لم يحتمل تعدّد المعنى من أوّل الأمر وإلّا أشكل البناء على عدمه.
وإن شكّ في الثاني كان هناك صور أربع ، فإنّه إمّا أن يشكّ في أصل وجود القرينة أو يشكّ في قرينيّة الموجود ، وكلّ منهما كان ، تارة يكون المشكوك القرينة المتّصلة وأخرى القرينة المنفصلة. ولا أصل في شيء من الصور عدا صورة واحدة ، وهي صورة الشكّ في