وجود القرينة المنفصلة ؛ فإنّه مع اليأس من وجوده يبني على عدمه.
أمّا إذا شكّ في قرينيّة ما اتّصل بالكلام فلأنّ ما اتّصل إمّا أن يكون مجملا مزاحما ببعض معانيه ، أو ظاهرا في معنى مزاحم ، وهذا تارة مع أقوائيّة ظهوره على ظهور ما اتّصل به ، وأخرى لا مع أقوائيّة ظهوره ـ سواء كان أضعف أو مساويا ـ وليس شيء منها محلّا للأصل.
أمّا في صورة إجمال القرينة فلأنّ المجمل يحمل على المبيّن دون العكس. وأمّا الصور الأخر فلأنّه مع أظهريّة أحد المتّصلين يكون الأظهر قرينة على الظاهر ، ومع المساواة يحصل الإجمال ، فأين الشكّ حتّى يرجع فيه إلى الأصل؟!
ومن هنا يظهر حال ما إذا كان المشكوك قرينيّته منفصلا ، فإنّه يسقط عن الحجّيّة فيه ما يسقط عن الظهور من مثله من المتّصل. هذا حال صورتي الشكّ في قرينيّة الموجود.
وأمّا إذا شكّ في أصل وجود القرينة المتّصلة بأن احتمل احتفاف كلام المولى بما يصرفه عن ظهوره ـ وقد خفي علينا ـ فالظاهر أيضا عدم أصل ينفي القرينة ؛ فإنّ الظهور الصادر من المولى ـ حينئذ ـ غير معلوم ، سيّما إذا اقتطع من كتاب الكلام أو خفي من كلامه شيء احتمل أن تكون القرينة فيه ، ما لم يحصل الوثوق بعدمه ؛ فإنّ ذلك لأجل اعتبار الوثوق دون الأصل.
إذا عرفت هذا ، فاعلم أنّ اعتبار الظهور في الجملة مقابل السلب الكلّي ممّا لا إشكال فيه ؛ فإنّ اتّخاذ الشارع طريق إلقاء الظواهر في إيصال مقاصده ، وعدم اقتصاره على القول الصريح أعظم شاهد على تقريره لبناء العقلاء ، وأنّه لا طريق له إلّا طريقهم.
وإنّما الإشكال والنزاع في عموم الحجّيّة وخصوصها من جهات ثلاث :
إحداها : أنّه هل يعتبر في الظاهر أن يكون مفيدا للظنّ ، أو على أقلّ من عدم الظنّ بالخلاف وإلّا لم يعمل به ، أو أنّه لا يعتبر شيء من الأمرين؟
الثانية : أنّه هل تختصّ حجّيّة الظواهر بالمخاطبين ، أو بالمقصود إفهامهم ، أو تعمّ اعتبارها في حقّ كلّ أحد؟
الثالثة : أنّه هل ظواهر القرآن الشريف حجّة على جلّ سائر الظواهر ، أولا؟
فهنا مقامات ثلاث :
الأوّل : في اعتبار الظنّ أو عدم الظنّ بالخلاف في حجّيّة الظواهر ، أو عدم اعتبار شيء منهما.