حجّيّة القطع
اعلم أنّ الوظائف المقرّرة في الشريعة لعمل المكلّف ـ بالأعمّ من الوظائف العقليّة والنقليّة ـ تحت عناوين ست ؛ فإنّها إمّا وظائف واقعيّة وهي التي لم يؤخذ في موضوعها جهل بحكم أصلا ، أو ظاهريّة وهي ما أخذ في موضوعها الجهل بالحكم الواقعي.
ثمّ الظاهريّة ، إمّا أماريّة وهي ما كان بعنوان انكشاف الواقع ، أو أصليّة وهي ما لم تكن كذلك ، وهذا تارة بعنوان استمرار الحالة السابقة ، وأخرى بعنوان العلم الإجمالي بنوع الحكم في أطراف محصورة ، وثالثة بعنوان الجهل غير المشوب بالعلم بنوع الحكم فعلا ولا سابقا إلّا ما كان في أطراف غير محصورة ، وهذا تارة مع احتمال الرخصة وأخرى لا معه.
فالأوّل الاستصحاب ، والثاني أصالة الاحتياط ، والثالث أصالة البراءة ، والرابع أصالة التخيير.
وإنّما يبحث في الأصول عن هذه الأصول العمليّة الأربعة لعمومها وشيوعها في كلّ أبواب الفقه ، وإلّا فلنا أصول أخر جزئيّة جارية في الشبهات الحكميّة المختصّة ببعض أبواب الفقه كقاعدة الطهارة.
ثمّ البحث عن الأمارات يقع في رسالة مفردة تسمّى برسالة حجّيّة الظنّ ، وعن الأصول العمليّة يبحث في رسالتين : استصحابها في رسالة مستقلّة ، والبقيّة كلّا في رسالة واحدة.
ولنقدّم أمام الكلام البحث عن القطع بشيء من الوظائف الست ؛ فإنّ أبحاث القطع لا تختصّ بالقطع بالأحكام الواقعيّة ، بل تعمّ كلّ قطع بكلّ وظيفة من الوظائف الخمس الأخر.
فاعلم أنّ من التفت إلى شيء من الوظائف والقوانين المتعلّقة بعمل نفسه أو عمل غيره