ومنه يظهر فساد ما قيل في الجواب من عدم العلم بإخلال التحريف المعلوم بالظهور ، مع أنّ هذا عادة ممّا يقطع بكذبه ؛ لعدم الغرض في تحريف لا يتغيّر به المعنى.
وأشنع من الكلّ الجواب بعدم حصر الشبهة ؛ فإنّ التحريف المذكور ليس واحدا بين جميع آيات القرآن ، مع أنّ الواحد في مجموع القرآن أيضا غير خارج من الحصر كحبّة في صبرة.
وعن الخامس : أنّ العلم الإجمالي المذكور حاصل من ملاحظة الأخبار ، فلا يكون أوسع ممّا ورد التنبيه عليه في الأخبار ، والفرض أنّا عاملون بالأخبار ، والبحث في ما وراء ذلك.
وقد تقدّم نظير هذا الجواب في الجواب عن الوجه الرابع.
وعن السادس : ـ بعد منع اختصاص قصد الإفهام في القرآن بالنبيّ أو الحاضرين في مجلس الوحي أي حضر الخطاب ، بل هو من قبيل تصنيف المصنّفين على الظاهر ـ منع اختصاص الظهور بالمقصودين إفهامهم ، بل يجوز لغيرهم التمسّك بظهور الكلام مع الاطمئنان بعدم قرينة أسرّها المتكلّم لمن قصد إفهامه.
إلّا أن يقال : إنّه لا اطمئنان في المقام ، سيّما بملاحظة ما ورد من الأخبار من أنّ المنع عن التمسّك بالقرآن من جهة عدم اطّلاع الناس بالقرائن الصارفة لظهوره.
فعن أبي عبد الله عليهالسلام في ذمّ المخالفين :
«أنّهم ضربوا القرآن بعضه ببعض ، واحتجّوا بالمنسوخ ، وهم يظنّون أنّه الناسخ ، واحتجّوا بالخاصّ ، وهم يظنّون أنّه العامّ ، واحتجّوا بالآية وتركوا السنّة في تأويلها ، ولم ينظروا إلى ما يفتح به الكلام وإلى ما يختمه ، ولم يعرفوا موارده ومصادره ؛ إذ لم يأخذوه عن أهله فضلّوا وأضلّوا» (١).
بقي من وجوه الاستدلال ، الوجه الأخير ـ وهو عمدة الوجوه ـ وعليه اعتمد في المنع عن الأخذ بظواهر الكتاب. وأخباره بين طوائف.
وقد أجيب عمّا دلّ منها على المنع من تفسير القرآن بالرأي بأنّ ذلك لا يشمل تفسير الظاهر بظاهر ؛ إذ ليس تفسير ، ولا ذلك بالرأي ؛ لأنّ تفسير إظهار ما خفي ، والظاهر ظاهر.
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ٢٠١ أبواب صفات القاضي ، ب ١٣ ، ح ٦٢.