خصوص المجمل ، أو مجمل ، وعلى كلّ حال تصلح الآية للاستدلال بها على المدّعى. ولا تكون الآية صالحة للاستدلال بها إلّا أن تكون صريحة في إرادة ما يعمّ الظاهر ، وهو باطل بالقطع.
وعن الرابع : المنع من وقوع التحريف في القرآن ، وإلّا كان سبيله سبيل الإنجيل والتوراة ، وخرج القرآن الفعلي عن كونه إعجازا.
وأمّا ما دلّ من الأخبار على وقوع التحريف فيه فلا يبعد أن يكون المراد منها حمل ألفاظه على خلاف معانيه. ولعلّ منه قوله تعالى : (مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)(١).
ولئن سلّمنا ، فالتحريف قد علم من الأخبار ، فلا يكون أوسع ممّا دلّت عليه الأخبار.
مع أنّ الظاهر أنّ التحريف واقع في غير آيات الأحكام ممّا ورد في شأن أهل البيت أو في مثالب أعدائهم ممّا تعلّق الغرض بتحريفه. وفي بعض الأخبار ـ على ما ببالي ـ أنّ أربعين رجلا من الكفّار كانوا بأسمائهم مذكورين في القرآن فأخرجوها عدا عمّ النبيّ تشنيعا عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢).
هذا كلّه مع أنّ هذا الوجه لا يمنع من الأخذ بالظهور عموما ، بل إذا ورد التمسّك منهم بعموم أوفوا في مادّة جاز لنا أن نتمسّك به في مادّة أخرى ؛ إذ بذلك يعلم عدم التحريف فيه.
وأمّا ما يقال في الجواب عن هذا الاستدلال بأنّ العلم الإجمالي بين أطراف خارج بعضها عن محلّ الابتلاء ـ وهو ما عدا آيات الأحكام ـ والعلم الإجمالي الكذائي لا أثر له في التنجيز ، فيدفعه : عدم الفرق في تأثير العلم في المقام على خلاف العلم الإجمالي في مجاري الأصول العمليّة ؛ فإنّ العقلاء يتركون الظهور في جميع الأطراف بمجرّد حصول العلم الإجمالي ، بلا فرق بين دخول جميع الأطراف في محلّ الابتلاء وبين خروج بعضها عنه ، بل ومن غير فرق بين العلم بأنّ التحريف المعلوم بالإجمال بما هو مغيّر للمعنى وعدمه ؛ لعدم إحراز ما هو الظاهر للقرآن.
__________________
(١) البقرة (٢) : ٧٥.
(٢) لم نظفر على هذه الأخبار. وكيف كان فهي موضوعة ومخالفة للأدلّة والأخبار القطعيّة الدالّة على عدم تحريف الكتاب.