أشار إليها تعالى في سورة «ص» بالعالين لأنّه تعالى حصر ما سوى آدم في قوله (أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ) كونه دون آدم فيكون عدم سجود ابليس استكباراً، أو هو من العالين الذين لا يخضعون لآدم ولالطاعته بل يفوقونه، وليس أولئك إلّا الموجودات الحيّة الشاعرة العاقلة الذين ببركتهم شرّف آدم بذلك المقام، فكيف يكونون دونه خاضعين وطائعين له؟
ومقتضى وصف اللّه تعالى لعلم آدم بتلك الموجودات بأنه غيب السماوات والأرض ولأجل ذلك لم تحط الملائكة علماً بتلك الموجودات لأنها بالنسبة إلى السماوات والأرض غيب، أي ليست مشهودة فيها.
ومقتضى كلّ ذلك كون تلك الموجودات الشاعرة الحيّة العاقلة هي من الأنوار المخلوقة قبل السماوات والأرض قبل الملائكة وقبل آدم، وهو قوله صلىاللهعليهوآله: «أول ما خلق اللّه نور نبيك يا جابر» وأنّ تلك الأنوار الحيّة الشاعرة العاقلة ليست هي نور آدم ولا نور الأنبياء والمرسلين، وإلّا لكان آدم عالماً بذاته ولما احتاج أن يعلم بموجودات غير ذاته.
وكذلك لما احتاج بقية الأنبياء والمرسلين في استخلافهم عن اللّه في الأرض إلى تعلّم تلك الأسماء مع أنّ الآيات قاضية بأنّ مقام الخلافة الإلهية عن اللّه إنّما يستأهلها أفراد البشر من الأنبياء والمرسلين والذي كان آدم هو المصداق الأول إنّما يستأهلونها بالعلم بتلك الموجودات كسنّة إلهيّة دائمة