قال تعالى (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا)(١).
وتكليم نبيّ الله زكريا لله تعالى بلا واسطة، قال تعالى حكاية عن زكريا: (قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَٰلِكَ اللَّـهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ)(٢) وهو نظير ما حدث لمريم عليهاالسلام، قال تعالى حكاية عن مريم: (قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَٰلِكِ اللَّـهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ)(٣).
فكلاهما عرضا مقتضي الإمتناع عن قابليتهما لبشارة الغلام، إذ احتجّ زكريا كون امرأته عاقراً غير مقتضية للحمل وهي في هذا السن المتقدّم، ومريم احتجّت بكونها غير قابلة للحمل لعدم امكان ذلك من دون زوج، وكان جوابه تعالى لهما واحداً: (قَالَ كَذَٰلِكَ اللَّـهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) مما يدلل على وحدة المقام لكلا الحالتين: حالة زكريا وحالة مريم، فضلاً عن ارتباط المهمّتين.
والتشابه بين البشارتين تتكفّله سورة مريم، قال تعالى: (أَنَّ اللَّـهَ يُبَشِّرُكَ
__________________
(١) مريم / ١٦ ـ ١٧.
(٢) آل عمران / ٤٠.
(٣) آل عمران / ٤٧.